Stay on this page and when the timer ends, click 'Continue' to proceed.

Continue in 17 seconds

هل تكون معركة أم درمان بداية لخروج "الدعم السريع" من الخرطوم؟

هل تكون معركة أم درمان بداية لخروج "الدعم السريع" من الخرطوم؟

Source: Aljazeera
Author: النور أحمد النور

الخرطوم- في أول يوم من دخول الحرب في السودان شهرها الحادي عشر، حقق الجيش السوداني تقدما في القتال بتمدد قواته من مناطق سيطرتها في شمال أم درمان، إلى مواقع انتشار قوات الدعم السريع وسط المدينة والتحامها مع قوات سلاح المهندسين الزاحفة من الجنوب، في خطوة عدّها خبراء عسكريون تحولا في مسار الحرب يساعد الجيش من طرد قوات الدعم السريع من الخرطوم، ويعزز مواقفه في جولة المفاوضات المقبلة.

وتعدّ أم درمان أكبر مدن العاصمة السودانية الثلاث، من حيث عدد السكان، وتنفتح على الحدود مع ولايات نهر النيل والشمالية والنيل الأبيض وإقليم كردفان، كما أنها الشِريان الرئيس لإمداد قوات الدعم السريع بالمقاتلين والأسلحة من غرب البلاد، وتوجد فيها أهم مقار أسلحة الجيش، وتشمل قاعدة منطقة كرري العسكرية وقاعدة وادي سيدنا الجوية، والقوات المحمولة جوا والدفاع الجوي، والقوات الأمنية الخاصة بمكافحة الإرهاب والجريمة العابرة، وسلاح المهندسين.

يقول مستشار في وزارة الدفاع إن "لقاء جيشي كرري والمهندسين في شارع العرضة بوسط أم درمان تطور كبير في مسار الحرب، وبات نحو 90% من المدينة تحت سيطرة الجيش بعدما كان يسيطر على شمال المدينة منذ بداية الحرب، وسيعزز انتشار الجيش نحو الخرطوم والخرطوم بحري".

ويوضح المستشار (الذي فضل عدم الكشف عن هُويته) للجزيرة نت أن جيوب "المليشيا المتمردة"، بأم درمان في الأحياء القديمة ببيت المال وأبو روف والملازمين حيث مقر الإذاعة والتلفزيون، باتت معزولة ومحاصرة في الشريط النيلي، وليس أمامها سوى الاستسلام أو الموت.

ويضيف أن سلاح المهندسين كان شبه محاصر منذ اندلاع القتال، وبتواصله مع منطقة كرري وانتظام الإمداد سيطلق طاقة آلاف المقاتلين الموجودين في مقر السلاح، للانفتاح غربا نحو أحياء أم بدة وجنوبا لتطهير منطقة صالحة، وحتى غرب جبل أولياء من "المتمردين"، وكذلك عبور جسري الفتيحاب والنيل الأبيض نحو الخرطوم.

بعد ساعات من إعلان رئيس هيئة أركان الجيش الفريق محمد عثمان الحسين، "إنجاز المرحلة الأولى والصعبة" من خطة تطهير أم درمان من قوات (الدعم السريع) وتهنئة قواته بذلك، وصل إلى أم درمان رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان إلى منطقة كرري العسكرية، يرافقه نائبه في الجيش الفريق شمس الدين كباشي، والمدير العام لجهاز المخابرات أحمد إبراهيم مفضل.

بدا البرهان منتشيا، وهو يصافح القيادات العسكرية، وتلقى تقريرا عن سير العمليات مهنئا القوات بما حققته من تقدم على الأرض، وذلك بعد 8 أيام من زيارته الخطوط الأمامية في أم درمان.

وفي طريق عودته من أم درمان إلى بورتسودان، أمس السبت، خاطب البرهان ضباط الفرقة الثالثة مشاة في شندي بولاية نهر النيل، مؤكدا أن المعركة مستمرة حتى "دحر التمرد ومن عاونهم نهائيا".

ووجّه البرهان رسالة إلى قيادة الدعم قائلا "ندعوكم إلى تحكيم صوت العقل والخروج من الخرطوم وولايات الجزيرة ودارفور.. لكن طالما أنتم تقتلون وتنهبون وتسرقون فلا مجال للحديث معكم إلا بعد انتهاء المعركة".

واحتفل مواطنون مع قوات الجيش في ضاحية الثورة شمالي أم درمان بالتحام قوات كرري وسلاح المهندسين، وعكست مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي مئات المواطنين، وهو يلوحون بعلامات النصر، ويرددون الأغاني الوطنية، ويعانقون قوات الجيش التي تفاعلت معهم، وذرف بعض جنود الجيش الدموع فرحا.

كما وزّع الإعلام العسكري مقطعا يظهر فيه قائد سلاح المهندسين اللواء ظافر عمر وهو محمول على أعناق جنوده يلوح بيديه، ويردد معهم أهازيج النصر والأناشيد الوطنية.

ويرى الخبير العسكري اللواء متقاعد مازن محمد إسماعيل أن ما جرى في أم درمان يُعدّ تحولا عسكريا مهما، سيكون بداية لطرد قوات الدعم السريع من العاصمة بعد محاصرتها في جزر معزولة، كما يحدث لهم في مقري الإذاعة والتلفزيون والقصر الجمهوري.

وفي حديث للجزيرة نت يقول الخبير إن "الطريق بات سالكا لإمداد قوات الجيش وتعزيزيها واستبدالها في وحداتها المختلفة بالخرطوم، مما سيزيد الضغط على عناصر الدعم السريع ودفعها للانسحاب عشوائيا، ويزيد خلافاتهم ويقود إلى انشقاق في صفوفهم، وسينسحب ذلك على وجودهم في ولايات دارفور وكردفان".

ويضيف مازن أن التحول الجديد سينعكس سلبا على قوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة بوسط البلاد، ويفقدها شريان حياتها المرتبط بالخرطوم، وتراجع تهديدها ولايات أخرى؛ مثل: سنار والقضارف ونهر النيل، وسيرافق ذلك تنصل الحواضن الاجتماعية من دعم قائد القوات محمد حمدان دقلو "حميدتي"، وكذلك القوى الخارجية التي تسانده.

ويخلص الخبير إلى أن زيارة البرهان إلى أم درمان وموقفه الأخير يحمل على الاعتقاد بأنه مع رفقائه قد عقدوا العزم على قيادة شعبه للنصر، عوضا عن تسوية أو صفقة مع "حميدتي" تعيده إلى المشهد السياسي والعسكري، كما تسرب من مفاوضات سرية جرت في البحرين مؤخرا بين نائبي الرجلين.

في المقابل نفت قوات الدعم السريع أن الجيش أحرز التقدم، واتهم المكتب الإعلامي لتلك القوات في بيان الجيش بالتحول إلى ما سمّاه "الدعاية وهو على وشك الهزيمة".

يقول مسؤول في الدعم السريع للجزيرة نت إن "الحرب كر وفر، والحرب معارك وقد تكسب معركة وقد تخسرها"، مؤكدا أنهم لم يخسروا الحرب، ولا يزالون يسيطرون على 90% من ولاية الخرطوم.

من جانبه توقع الباحث السياسي خالد عبد العظيم تصاعد المواجهات العسكرية خلال الأيام المقبلة لتحسين المواقف التفاوضية لطرفي الصراع، قبل دعوتهما إلى جولة مفاوضات جديدة عبر منبر جدة الذي ترعاه السعودية والولايات المتحدة، بعدما سبقت كل الجولات السابقة تحركات عسكرية مماثلة.

ولم يستبعد الباحث -في تصريح للجزيرة نت- أن تُقدم قوات الدعم السريع على عملية انتحارية للرد على تقدم الجيش في أم درمان، ولتأكيد أنها ما زالت قادرة على تغيير المعادلة العسكرية لصالحها، بعد توقف هجماتها منذ سيطرتها على ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة في منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وكان عضو مجلس السيادة ونائب القائد العام للجيش شمس الدين كباشي قال أمام ضباط الفرقة 18 للجيش في كوستي بولاية النيل الأبيض الخميس الماضي، إن "القوات المسلحة تتقدم بخطى ثابتة لإنهاء هذا التمرد وطرده نهائيا، وفي الوقت ذاته تحمل غصن الزيتون بجانب البندقية لمن أراد السلام".

وأكد كباشي أن خروج الدعم السريع من منازل المواطنين والأعيان المدنية والمؤسسات الحكومية والخدمية العامة والخاصة، هو الشرط الأساسي لاستئناف المفاوضات، وشدد أنه لا فتح لأي ملف سياسي قبل إغلاق الملف العسكري.