ميقاتي: مفاوضات لإنهاء الاشتباكات على حدود لبنان مع إسرائيل تبدأ في رمضان
Source: الحرة
صرخة سجناء سوريين في لبنان.. دعوة للتحرك قبل فوات الأوان
حاول 4 سجناء سوريين في سجن رومية الانتحار قبل أيام، حيث علقوا مشانقهم باستخدام الأغطية، وذلك احتجاجاً على تسليم أحد الموقوفين إلى النظام السوري، إلا أنه تم إنقاذهم في اللحظات الأخيرة ونقل ثلاثة منهم إلى مستشفى في لبنان لتلقي العلاج.
ويمثل هذا الحادث صرخة مكتومة من وراء القضبان لكن دويّها هائل، كما يصف مدير مركز "سيدار" للدراسات القانونية، المحامي محمد صبلوح في حديث لموقع "الحرة" وهو "تعبير عن رفض قاطع للعودة إلى وطنهم في ظل نظام بشار الأسد، ومناشدة للعالم للتدخل لمساعدتهم ومنع ترحيلهم احتراماً لحقهم الإنساني في الحياة".
وبدأت المخاوف تتسلل إلى الموقوفين والمحكومين السوريين من تسليمهم إلى النظام السوري، منذ أبريل الماضي، وذلك بعد أن طلبت اللجنة الوزارية لمتابعة عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، من وزير العدل اللبناني البحث في إمكانية القيام بهذه الخطوة بشكل فوري "مع مراعاة القوانين والاتفاقيات ذات الصلة وبعد التنسيق بهذا الخصوص مع الدولة السورية".
وحذّر سجناء حينها بالإقدام على الانتحار جماعياً في حال سارت الحكومة اللبنانية في هذا الخيار، وأصدر "المعتقلون السياسيون والمعارضون لنظام الأسد المحتجزون في سجون لبنان" بياناً شددوا خلاله على أنهم هربوا "من بطش نظام الأسد ومن أسلحته الكيماوية ومن أقبية التعذيب وحفر الموت" ودخلوا كلاجئين إلى لبنان فاتهموا "بتهم مختلفة وباطله تحت مسميات عديدة وحجج ضعيفة".
وأضافوا "نحن حوالي الـ 400 معتقل، نرفض انتزاع حقوقنا منا تحت أية ذريعة. ولأن الاحتجاز لأي سبب كان لا ينفي عن الفرد صفته الإنسانية"، مشددين على أن تسليمهم لنظام الأسد بمثابة الحكم عليهم بالموت، ومطالبين في بيانهم بإخراجهم إلى الشمال السوري مع عائلاتهم تحت رعاية أممية.
ويبلغ عدد اللاجئين السوريين المسجلين حالياً لدى المفوضية 795,322 لاجئاً، ويقبع في السجون اللبنانية حوالي 1800 سجين من الجنسية السورية وفقاً لما تقوله الناشطة الحقوقية نائبة رئيس جمعية "س. ج. ن"، المتحدثة باسم أهالي السجناء، رائدة الصلح، لموقع "الحرة" و"هؤلاء يشكلون 28 بالمئة من مجمل السجناء على امتداد الأراضي اللبنانية، و80 في المئة منهم، أي بين 500 و600 سجين، غير محكومين حتى الآن".
وتصعّد السلطات اللبنانية معركتها ضد اللاجئين، في مختلف الساحات والمحافل المحلية والخارجية، محاولة الضغط بكل ما أوتيت من قوة لتحقيق هدفها المعلن بترحيلهم إلى بلدهم، مبررة ذلك بالضغوط الاقتصادية والوضع الأمني وعودة الأمن إلى بعض المناطق في سوريا، رغم تحذيرات منظمات حقوقية بشأن أخطار ذلك.
وفي ديسمبر الماضي، وبعد مسار طويل من التفاوض، سلّمت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، الأمن العام اللبناني، البيانات المتعلقة باللاجئين السوريين المتواجدين على الأراضي اللبنانية، تنفيذاً لاتفاق عقدته مع الحكومة اللبنانية، مما دفع حقوقيون إلى التعبير عن خشيتهم من "تمرير هذه البيانات إلى النظام السوري، وحصول عمليات انتقائية بين الطرفين اللبناني والسوري، للاجئين، مما يهدد حياتهم".
أغلب المعارضين السوريين في السجون اللبنانية متهمون بحسب صبلوح "بالاشتراك في أحداث عرسال التي وقعت عام 2014 بين مسلحين متطرفين سوريين وعناصر من الجيش، والانضمام إلى تنظيمات إرهابية أو معارضتهم لنظام بشار الأسد والمشاركة في الحرب السورية".
وفي أكتوبر الماضي أشار وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، بسام مولوي، إلى أن "عدداً كبيراً من الجرائم المتنوّعة والكبيرة يرتكبها السوريون في لبنان بنسبة تفوق الـ30 في المئة، منها جرائم السلب والنشل وسرقة السيارات والخطف والقتل والمخدرات وإطلاق النار وتهريب الأشخاص والعملة المزيفة والتحرش الجنسي والدعارة والاتجار بالبشر".
ومعظم السجناء في السجون اللبنانية، سواء كانوا لبنانيين أو غير لبنانيين، هم كما تقول الناشطة الحقوقية، المحامية ديالا شحادة "موقوفون احتياطياً، وهذا يعني أنهم يخضعون للمحاكمة دون صدور حكم نهائي بحقهم بعد".
وفيما يتعلق بموقف القانون اللبناني من ترحيل الشخص الأجنبي المحكوم، فإنه يختلف وفقاً لما تشرحه شحادة في حديث لموقع "الحرة" "باختلاف وضع كل فرد، فإذا كان غير لاجئ ولا يواجه خطراً في بلده، يمكن ترحيله، أما إذا كان معرضاً للخطر والاضطهاد في بلده، فيجب منحه الفرصة لإثبات ذلك. أما إذا كان الشخص لاجئا، فلا داعي لسؤاله حيث لا يجوز قانوناً ترحيله".
وتشدد شحادة على أن "ترحيل اللاجئين الهاربين من بلدهم خوفا من الاضطهاد، أمر محظور في كل دول العالم، حتى تلك التي لم تصادق على اتفاقية اللاجئين ومن بينها لبنان، وذلك بموجب التزامات دولية عدة، على رأسها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واتفاقية مناهضة التعذيب والاتفاقية الدولية الخاصة بمكافحة جريمة الإخفاء القسري والعهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية وما إلى ذلك".
وفي ذات السياق، يشدد صبلوح على أن "تسليم المعارضين السوريين، يخالف الاتفاقيات التي وقّع عليها لبنان، وأهمها اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب التي تنص على مبادئ أساسية يجب مراعاتها عند ترحيل السجناء المحكومين (وليس الموقوفين الذين يمنع مغادرتهم البلاد قبل الحكم عليهم)، بما في ذلك مبدأ عدم تعريض حياتهم للخطر".
ووفقاً لذلك فإن السلطات اللبنانية كما يقول صبلوح "ملزمة بعدم ترحيل أي شخص موجود على الأراضي اللبنانية يعلن عن أنه معرّض في دولته للتعذيب أو الإخفاء القسري، وعلى القضاء المختص إثبات صحة كلامه إن كان هناك شكوك بشأن ذلك، لكن ما يحصل في الآونة الأخيرة انتهاكات قانونية خطيرة من قبل الأجهزة الأمنية تتزايد مع كل حالة ترحيل جديدة".
ويشير مدير مركز "سيدار" إلى أنه "الشهر الماضي، أصدر مدعي عام التمييز قراراً صادماً وغير قانوني بسجن معارض كان قد أطلق سراحه بقرار سابق من محكمة التمييز العسكرية، على الرغم من وجود قرار قضائي بمنع سفره. ولم يتم تنفيذ قرار إخلاء سبيله بعد إلغاء قرار ترحيله من لبنان بفعل الضغط الإعلامي، مما أدى إلى حجز حريته دون أساس قانوني، كما تم ترحيل عنصر منشق عن الجيش السوري بعد توقيفه واخفائه في لبنان من قبل جهاز أمني، حيث نُقل سراً إلى سوريا وهو الآن في فرع فلسطين، والأفظع أنه يتم إبلاغ المعتقلين بقرار ترحيلهم قبل ساعات من التنفيذ".
أما الصلح فتشدد على أن تسليم السجناء السوريين يثير "جدلاً واسعاً، خاصة فيما يتعلق بمن لديهم ملفات حساسة، الذين يجب التعامل معها وفق معايير واضحة تنص عليها المواثيق والاتفاقيات الدولية لضمان حقوقهم وتوفير الشفافية في الإجراءات المتخذة".
وعن موقف مفوضية اللاجئين مما يحصل أكدت الناطقة باسمها، دلال حرب، أن "المفوضية تدعو إلى منح اللاجئين الفرصة للتعبير عن أي مخاوف قد تكون لديهم فيما يتعلق بالعودة إلى بلدهم، ولتقييم حالتهم بشكل مناسب".
كما تؤكد المفوضية، بحسب ما تقوله حرب لموقع "الحرة"، على "أهمية احترام مبادئ القانون الدولي وضمان حماية اللاجئين في لبنان من الإعادة القسرية، ونحن نتابع بجدية التقارير المتعلقة بذلك، ونعمل مع السلطات المعنية لضمان عدم ترحيل من يحتاجون إلى الحماية الدولية، ونسعى لضمان وحدة الأسرة وحماية الأفراد المتضررين وتقديم الدعم اللازم لهم، ونواصل مراقبة الوضع بانتباه شديد".
يعاني السجناء داخل السجون اللبنانية، بحسب الصلح "من بطء المحاكمات، وسوء نوعية الطعام وقلة كميته، ونقص في الرعاية الصحية، وأدوات النظافة".
وتضيف "على الرغم من دخول العديد من الجمعيات إلى السجون، إلا أنها لا تلبي سوى نسبة قليلة من احتياجات السجناء فيما يتعلق بالنظافة والرعاية الطبية، أما المواد الغذائية فيقتصر تقديمها على الشركة المتعاقدة. باختصار فإن السجون في لبنان مقابر حيّة، تعيش فيها أرواح منسية ومهمشة وسط ظروف غير إنسانية".
لكن هذه الظروف الصعبة، يعتبرها المعارضون للنظام، بحسب صبلوح "أفضل من الترحيل إلى بلادهم، فالموت على البطيء أفضل بكثير من مواجهة الموت بطريقة مروّعة على يد نظام لا يرحم".
وسبق أن دعت منظمة العفو الدولية، في أبريل الماضي، السلطات اللبنانية إلى الكف فوراً عن ترحيل اللاجئين السوريين قسراً، مذكرة بالتقرير الذي أصدرته في سبتمبر 2021، حيث وثقت "قائمة بالانتهاكات المروّعة التي ارتكبها ضباط المخابرات السورية بحق 66 لاجئاً سورياً عائداً، بينهم 13 طفلاً. وكان معظم هؤلاء الأطفال مُعادون من لبنان، بمن فيهم اثنان سبق أن تمَّ ترحيلهم".
ومنذ بداية عام 2023 وحتى 30 ديسمبر، وثق مركز وصول لحقوق الإنسان 1080 حالة اعتقال تعسفي، و763 حالة تم ترحيلهم بشكل قسري إلى سوريا.
وفي تقرير استقصائي يحمل عنوان "جرائم الاختطاف وتجارة البشر بعد ترحيل اللاجئين قسراً من لبنان"، نشر في 29 يناير الماضي، تمت الاضاءة على مصير المرحلين إلى سوريا والانتهاكات التي تمارسها السلطات بحقهم، وتتضمن "التحقيقات الأمنية وإجراء تسويات عسكرية وسياسية ومدنية، والاعتقال والاحتجاز التعسفيين مروراً بالمحاكم العسكرية، وفي بعض الحالات تعرض اللاجئون للإخفاء القسري والتعذيب وإساءة المعاملة، وتحويل من هم في سن الخدمة العسكرية الإلزامية أو الاحتياطية للالتحاق بالجيش السوري".
وفي حالات أخرى تم إعادة تسليم اللاجئين قسراً كما ورد في التقرير "من قبل الفرقة الرابعة التابعة للجيش السوري إلى عصابات التهريب على الحدود، التي بدورها احتجزت اللاجئين في بيوت ومزارع حدودية تابعة لها وتلاعبت بمصيرهم واستغلت وضعهم الهش لابتزازهم مالياً والاستفادة من محنتهم".
أما في الحالات التي رحلت قسراً ووصلت إلى الداخل السوري بعد اخلاء سبيلهم، "لم يتمكنوا من العودة إلى مناطقها الأصلية لعدة أسباب تشمل، دمار المناطق الأصلية بسبب العمليات العسكرية، الخوف من الاعتقال أو\والتصفية أو\والقتل من قبل السلطات السورية المتواجدة هناك أو الميليشيات والجماعات المسلحة التي تسيطر على مناطقهم".
حلّ قضية اللاجئين السوريين مسؤولية مشتركة بين الحكومة اللبنانية والمجتمع الدولي، بحسب صبلوح وهي تتطلب "وجود مسؤولين لبنانيين بالفعل لا بالألقاب يعملون على وضع خطة إنسانية مدروسة تميز بين الموالين والمعارضين للنظام السوري، فتنزع صفة اللاجئ عن كل من دخل الأراضي السورية بطريقة شرعية وعاد إلى لبنان مرة أخرى، لا الحكم على المعارضين بالإعدام من خلال تسليمهم للنظام".