رمضان بالأردن.. شكوى من ارتفاع الأسعار وأزمة أجور تعمّق الفقر
Source: Aljazeera
Author: حبيب أبو محفوظ
عمّان- "أعمل في أحد محال بيع الحلويات بأجرة شهرية 260 دينارا (366 دولارا)، وهذا المبلغ لا يكفي لمنتصف الشهر في أفضل الأحوال، فهناك التزامات عائلية ضرورية لا تتوقف، ويزداد الأمر صعوبة خلال شهر رمضان، مما يعني أعباء مالية إضافية، يأتي كل هذا مع الارتفاع المتسارع لأسعار السلع الغذائية"، هكذا أعرب الشاب براء مطر عن قلقه من الظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة التي يعيشها.
لا يختلف حال مطر، -الذي يعيل أسرة من 4 أفراد-، كثيرا عن حال آلاف الأسر في الأردن، فهذه مي الخلايلة موظفة في شركة سياحة وسفر، تتقاضى راتبا شهريا قيمته 320 دينارا (451 دولارا)، على الرغم من خبرتها التي تزيد على 5 سنوات.
وتضيف في حديثها للجزيرة نت أن راتبها الثابت الوحيد في المعادلة الاقتصادية في الأردن، فالأسعار في ازدياد متسارع، والأحوال المعيشية في كل عام تكون أصعب من الذي قبله، ولا أمل بفرجٍ قريب على ما يبدو، على حد قولها.
وتقول لبنى سعادة (ربة منزل) إن راتب زوجها لا يكفي في شهر رمضان سوى للأيام العشر الأولى من شهر الصوم، -كما في كل عام-، مما يضطر الزوج للاستدانة حتى يلبي حاجيات البيت الأساسية، خاصة من اللحوم والخضار، فضلا عن ضرورة إقامة ولائم رمضان لبعض الأقارب، والتي تزيد الأعباء على كاهلنا.
وتضيف للجزيرة نت أن الأوضاع المعيشية المتأزمة جعلت قدرتهم الشرائية لا تتناسب مع الأسعار الحالية.
ولا يتردد غالبية الأردنيين في بث شكواهم مع حلول شهر رمضان، فقد أصبحت متابعة الأخبار المتعلقة بارتفاع أسعار العديد من السلع الأساسية، كالخضراوات والدجاج واللحوم والأرز، مقدمة على غيرها، وبات شهر رمضان مناسبةً متجددةً للأردنيين لإعادة رفع الصوت عاليا للمطالبة برفع الحد الأدنى للأجور (260 دينارا) بالرغم من القرار الذي اتخذته الحكومة مؤخرا بعدم رفعه حتى عام 2025.
ويؤكد الناطق باسم وزارة العمل الأردنية محمد الزيود أن "تحديد الحد الأدنى للأجور من صلاحيات اللجنة الثلاثية المنصوص على تشكيلها في المادة 52 من قانون العمل، والمشكلة من ممثلين عن وزارة العمل، وممثلين عن أصحاب العمل، والعمال".
وأضاف للجزيرة نت أن "آخر قرار صدر عن اللجنة الثلاثية كان في شهر فبراير/شباط 2023، إذ قررت فيه الإبقاء على الحد الأدنى للأجور عند (260) دينارا للأعوام 2023-2024، على أن يتم بحث الحد الأدنى للأجور من قبل اللجنة مع بداية الأيام العشرة الأولى من العام القادم 2025، لإعادة احتسابه بحيث يتم زيادة الحد الأدنى للأجور بإضافة نسب التضخم للسنوات 2022-2024".
وكان المرصد العمالي الأردني قد أشار إلى أن الاتفاقية ... التي صدّق عليها الأردن ألزمت اللجنة المعنية بتحديد الحد الأدنى للأجور في كل دولة من الدول الأعضاء لمراجعته دوريا لفترات لا تزيد على سنة لمواكبة المستوى المعيشي، إلا إن الحد الأدنى للأجور في البلاد ما زال على حاله منذ عام 2021 ، وأُجِّل رفعه حتى عام 2025.
وحسب المرصد، يتعارض ذلك مع ركائز رؤية التحديث الاقتصادي التي أعلنتها الحكومة عام 2022، وبخاصة ركيزة "تحسين جودة الحياة" التي تتضمن توفير العناصر الضرورية لحياة كريمة.
وكانت دائرة الإحصاءات العامة الحكومية قد أعلنت قبل أيام ارتفاع التضخم لعام 2023 بنسبة 2.08% مقارنة مع عام 2022، ومن بين أبرز السلع الأساسية التي طالها الغلاء الدجاج واللحوم والألبان والأرز والسكر، وبعض الزيوت، وغيرها من المواد الأساسية الأخرى.
ويقول الخبير الاقتصادي الدكتور حسام عايش إن "زيادة الطلب على السلع الغذائية مع بداية شهر رمضان من كل عام، يؤدي بالضرورة إلى ارتفاع أسعارها".
ويضيف في حديثه للجزيرة نت أن المستهلك الأردني يتخوف اليوم من ارتفاع أسعار السلع، في ظل استمرار التوترات الأمنية في مضيق باب المندب.
ويشير عايش إلى أن الأردن تأثر بالتوترات الأمنية بالمنطقة ومع استمرار الحرب على قطاع غزة زادت تكاليف النقل مما دفع الأسعار إلى الارتفاع.
وبحسب تقديرات صادرةٍ عن تقرير "أطلس أهداف التنمية المستدامة للعام 2023''، فإن عدد الفقراء في الأردن يبلغ حوالي 3 ملايين و980 ألف شخص (زهاء35 % من السكان)، استنادا إلى معطيات خط الفقر الوطني لكل دولة في العالم، والمحدد للفرد الواحد في الأردن بـ7.9 دولارات في اليوم.
ويستورد الأردن 80% من احتياجاته الغذائي من الخارج، وبكلفة سنوية تتجاوز الـ4 مليارات دولار، طبقا لتقديرات رسمية، ترى أن ارتفاع أسعار السلع في المملكة، لاسيما الأساسية منها، يرتبط ارتباطا وثيقا بارتفاع الأسعار الخارجية، مما يعزز مخاوف المواطنين من زيادات متتالية للأسعار.