الجيش الليبي يعلق مشاركته في مشروع المصالحة الوطنية | | صحيفة العرب
Source: صحيفة العرب
Author: Al Arab العرب
بنغازي - أعلن ممثلو القيادة العامة للجيش الليبي تعليق مشاركتهم في ملف المصالحة الوطنية، ردّا على سحب رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي قرار ضم قتلى وجرحى قوات الجيش إلى هيئة الشهداء، وهو ما يشكل ضربة لهذا المشروع الذي يهدف لإعادة تجميع الليبيين.
وهذا الأسبوع، سحب المنفي قراره بضم قتلى وجرحى قوات الجيش الليبي إلى الهيئة العامة لرعاية أسر الشهداء والمفقودين والمبتورين بحكومة الوحدة الوطنية، بعد تعرضه لموجة احتجاجات داخل طرابلس وصلت إلى حدّ اقتحام مقرّه، ومعارضته من طرف نائبه علي اللافي.
وقال الجيش في بيان وقعه رئيس وأعضاء وفد القيادة في المصالحة الوطنية عبدالرحيم البركي، والشيخ سعد رقرق، ومبروكة جمة بتمر إنها تلقت موقف المجلس الرئاسي "باستغراب واستهجان كبيرين"، مضيفا أن المجلس "أقصى نفسه بنفسه وحكم على عدم أهليته في تولي ملف المصالحة الوطنية".
وأوضح البيان الذي نشره تلفزيون المسار عبر صفحته على فيسبوك أن قرار التعليق مستمر "إلى حين التأسيس لعمل اللجنة وإدارتها بشكل يضمن الحيادية والنزاهة في عقد اجتماعاتها واتخاذ قراراتها، وتحقيق أهم بنود المصالحة الوطنية الحقيقية في الاعتراف بتضحيات وحقوق أبناء القوات المسلحة".
ولفت إلى مشاركة وفد القيادة العامة في اجتماعات اللجنة التحضيرية في الداخل والخارج "من منطلق حرص القيادة العامة على تحقيق المصالحة الوطنية الحقيقية بعيداً عن التسويف والمماطلة، وتسييس الملف لصالح طرف ضد آخر".
وشدد البيان على أن "المصالحة الوطنية لن تحقق من غير حفظ حقوق الشهداء والجرحى من أبناء القوات المسلحة".
ودعا البيان الاتحاد الأفريقي واللجنة رفيعة المستوى إلى "اختيار الشريك الأفضل لنجاح هذه المهمة الخطيرة والحساسة" بدلا من المجلس الرئاسي.
وأشار إلى أن قوات الجيش قدمت أغلى ما تملك لدحر الإرهاب وتحرير مدن بنغازي ودرنة والجنوب منه وإرجاعهم للدولة، لافتا إلى أنه من أبسط الحقوق هو رعاية ذوي الشهداء وتمكينهم من حقوقهم.
وكان قرار المنفي، الذي يقضي بضم قتلى قوات الجيش الليبي إلى قائمة "الشهداء"، قد أثار موجة احتجاجات في العاصمة طرابلس، وأحدث انقسامات داخل جهاز المجلس الرئاسي.
وينص القرار الذي أصدره المنفي بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي، بضم قتلى وجرحى قوات الجيش الليبي إلى الهيئة العامة لرعاية أسر الشهداء والمفقودين والمبتورين بحكومة الوحدة الوطنية، وصرف المزايا المادية والمعنوية المقررة لهم.
لكن القرار قوبل برفض واسع من داخل طرابلس، حيث عارض مجلس حكماء وأعيان طرابلس الكبرى، مساواة المجلس الرئاسي بين "الضحية والجلاّد ووضعهم في كفة واحدة" وذلك عقب وقفة احتجاجية أمام مقر المجلس الرئاسي في العاصمة طرابلس.
كما اقتحم متظاهرون من عناصر تيار الافتاء، الأحد الماضي، مقر المجلس الرئاسي في العاصمة طرابلس، احتجاجا على قرار ضم شهداء وجرحى القوات المسلحة بالمنطقتين الشرقية والجنوبية إلى الهيئة العامة لرعاية أسر الشهداء والمفقودين، مطالبين بإلغاء القرار.
ووصلت تداعيات قرار المنفي إلى المجلس الرئاسي وتسبّب في انقسام بين أعضائه، حيث طالب النائب بالمجلس عبدالله اللافي، وهو رئيس لجنة المصالحة، في خطاب وجهه إلى المنفي، سحب القرار معتبرًا أنه "مخالف" لمخرجات ملتقى الحوار السياسي، إذ لم يحصل على موافقة المجلس مجتمعا بصفته القائد الأعلى للجيش.
واعتبر أعضاء باللجنة التحضيرية لمشروع المصالحة يمثلون القيادة العامة للجيش، رفض اللافي، لقرار ضم قتلى الجيش إلى هيئة الشهداء، يعد انحيازا لطرف من دون آخر وخروجا عن مبدأ الحياد الذي من المفترض أن يكون عليه، ونسفا لجهود الاتحاد الأفريقي في تحقيق المصالحة الوطنية.
وطالب ممثلو الجيش، في خطاب موجه إلى رئيس اللجنة رفيعة المستوى في الاتحاد الأفريقي بشأن ليبيا الرئيس الكونغولي ساسو نغيسو، بإعادة النظر في تولي اللافي الإشراف على ملف المصالحة الذي لا يحتمل الإقصاء والمراوغة والتسويف، مؤكدّين أنهم سيطالبون الأمم المتحدة بسحب الملف من المجلس الرئاسي كشرط أساسي لاستمرارهم في اللجنة في حال رفض طلبهم.
ومن شأن انسحاب الجيش الليبي من ملف المصالحة، أن يهدد بفشل هذا المشروع الذي يرمي إلى إعادة الثقة بين كل الأطراف السياسية ولمّ الشمل بين كل الليبيين، خاصة بعد انسحاب ممثلي سيف الإسلام القذافي، في ديسمبر الماضي احتجاجا على استمرار سجن رموز نظام الراحل معمر القذافي.
واتهم فريق نجل القذافي المجلس الرئاسي بعدم الجديّة تجاه عملية المصالحة من خلال عدم معالجة ملف إطلاق سراح رموز النظام السابق المعتقلين منذ 2011 دون توجيه تهم إليهم، معتبرا أنه "من العبث الاستمرار في هذا المشروع... لأنّ روح الانتقام لا تزال سائدة مع استمرار معاملة بعض الليبيين على أنهم عبيد ومواطنون من الدرجة الثانية"، وشدّد على أن العدالة ينبغي ألا تكون لطرف على حساب طرف آخر.
ويتطلع الليبيون إلى أن تخطو بلادهم خطوات حاسمة في اتجاه المصالحة الوطنية الشاملة خلال العام الجاري، وطي صفحة الصراع القائمة منذ 12 عاما، بعد تحديد الثامن والعشرين من أبريل المقبل موعدا لمؤتمر الوطني الجامع للمصالحة بمدينة سرت.
لكن يبدو أن هذا الهدف لا يزال بعيد المنال في ظل الوضع السياسي الحالي، إذ يرى متابعون للشأن الليبي أن فرص نجاح جهود المصالحة، تحتاج إلى إرادة سياسية حقيقية، حيث بات هذا الملف ورقة للابتزاز السياسي، وتحقيق مصالح شخصية.
ويعتبر المتابعون أن انعدام الثقة بين الأطراف الليبية يُفضي إلى نقض أي جهود لإقرار مبدأ المصالحة بين الأطراف المتنازعة أولا، والمواطنين بشكل عام، مشيرين إلى أن غياب الشارع أو تغييبه من خلال إلقائه في مستنقع البحث عن الحاجات الأساسية كالأكل والأمان، فضلا عن افتعال الأزمات كنقص السيولة، والغاز، والوقود، وقطع الكهرباء، يقلل الضغط الشعبي على الأطراف المتنازعة على السلطة.