حياة جديدة لجدارية "الوجه البشوش" في مراكش | | صحيفة العرب
Source: صحيفة العرب
Author: Al Arab العرب
مراكش (المغرب) - باتت الجدارية الفنية الشهيرة بمدينة مراكش قبالة محطة القطار التي تظهر صورة رجل مسن بشوش، من الماضي.
وتداولت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي إقدام جهات محلية على صباغة الواجهة التي كانت تضم اللوحة الفنية التي اشتهرت بها المدينة الحمرا وأصبحت جزءا من تاريخها . وقد عبّر الكثيرون عن حزنهم لما تحمله الصورة من ذكريات. فيما قال آخرون إن من الأفضل مسحها واستبدالها.
إلا أن الجدارية التي تصور المواطن المغربي العادي ببساطته وطيبته ستحصل على حياة جديدة بعدما طالتها عوامل الزمن وخربت أجزاء منها إذ حل مصممها الألماني هندريك بيكيرش بالمدينة حيث سيستغل عرض آخر أعماله في صالة رواق مؤسسة "مونتريسو" بالمدينة الحمراء، بدءًا من 25 أبريل وحتى 20 يوليو 2024، لتجديد اللوحة الأيقونية التي رسمها.
يأتي هذا المعرض بعد ثماني سنوات من مشروع "Tracing Morocco - The Walls" ، ليواصل الفنان الألماني تكريمه للمغرب من خلال رسم لوحات مستوحاة من لقاءاته وكشف رحلته نحو فهم مثالي للتواضع والاكتشافات.
يشار إلى أن الجدارية المعنية والتي أصبحت أحد رموز المدينة الحمراء، تحمل صورة مواطن بسيط يدعى سعيد من سكان إقليم الحوز، والذي خُلدت ابتسامته في اللوحة الفنية التي تم إنجازها من طرف الفنان العالمي هندريك بيكيرش، في إطار فعاليات مهرجان "بينالي مراكش".
وقد صار العمل الفني من صميم المعالم المراكشية التي لا تخطئها العين تماما كالشخص الذي في الصورة، التي تطل بكل شموخ من عليائها بواجهة البناية المواجهة لمبنى المسرح الملكي والبوابة الرئيسة لمحطة القطار بمدارة ملتقى شارعي الحسن الثاني ومحمد السادس.
وازدادت في السنوات الأخيرة بمراكش المبادرات الهادفة إلى منح المدينة الحمراء مزيداً من الجمالية والرونق، من خلال عدد من الجداريات والأعمال الفنية التي يتم رسمها وإقامتها بعدد من الأحياء والشوارع.
وانتشرت أخيراً ظاهرة الجداريات الفنية الضخمة في المدن الكبرى والسياحية بالمغرب، مثل الرباط والدار البيضاء وأصيلة ومراكش وأغادير وغيرها، الشيء الذي يعتبره مهتمون بالمجال الحضري ضرورة جمالية وبصرية بعيداً من كل ترف أو تسلية.
ووسط عمارات ومساكن ومنشآت إسمنتية كثيفة في العديد من شوارع المدن الكبرى بالمغرب، بدأت تبزغ جدران بنايات تتخذ شكلاً آخر، إذ تتزين بألوان زاهية تكسر رتابة المدينة وتبث الدفء في برودة مواد البناء.
ولا يكاد المار في شوارع مدينة كبيرة مثل الرباط أو الدار البيضاء أو غيرهما بالمغرب إلا أن تثير انتباهه جداريات ضخمة عبارة عن رسوم وأشكال فنية جميلة رسمها هواة أو محترفون على جدران شاهقة العلو في المحاور الرئيسة لهذه الحواضر.
وعلى مبان وجدران يبلغ طولها أحياناً عشرات الأمتار، يعكف رسامون ورسامات أيضاً على تزيين هذه الحيطان الجامدة وبعث الروح فيها برسوم ضخمة وأشكال هندسية بديعة، تتناول عدداً من المواضيع المختلفة.
وهناك جداريات تحمل رسوماً تحيل إلى جمال الطبيعة من أشجار وبحار وسماء وألوان زاهية، وأخرى تهم المرأة البدوية المكافحة، وثالثة ترمز إلى النساء الأفريقيات، وجداريات تحيل إلى "رسوم الكارتون"، وأخرى تشيد بجهود الأطباء في زمن كورونا، وغيرها من الثيمات والأفكار.
يذكر أن بوادر هذا الفن الحضري ظهرت في المغرب مطلع سنوات الألفين بالدار البيضاء، وفي العام 2013 أطلقت جمعية "التربية الفنية والثقافية" مهرجان "صباغة باغة" (الصباغة تريد) المتخصص في فن الجداريات.
ويقول المدير الفني للمهرجان صلاح ملولي "كان الأمر صعباً جداً في البداية، إذ يتطلب الرسم على الجدران تنظيما خاصا بخلاف الغرافيتي مثلا". ويضيف ملولي الذي يتولى أيضا الإدارة الفنية لمهرجان "جدار" بالرباط "لم يكن رسم الجداريات في الفضاء العمومي أمرا مريحا في البداية حيث كان الفنانون يواجهون مخاوف، لكنها تلاشت الآن".
وأثار المشروع اهتمام مؤسسات ثقافية عامة وخاصة عملت على نقل التجربة إلى مدن أخرى كالرباط ومراكش وأغادير، أو مناطق نائية. لكن هذا الإقبال على اللوحات الجدارية تواجهه أحيانا اعتراضات تتمثل في طمس جداريات من طرف مالكي المباني أو السلطات العمومية في بعض الحالات.