طريق التنمية مادّة دسمة على طاولة النواب الكويتيين | | صحيفة العرب
Source: صحيفة العرب
Author: Al Arab العرب
الكويت - مثّل مشروع طريق التنمية، الذي توافقت على إقامته مجموعة من الدول الإقليمية ليربط الخليج العربي بساحل المتوسط عبر العراق وتركيا ويختصر طريق النقل باتجاه أوروبا، مادّة دسمة للجدل والنقاش على طاولة أعضاء مجلس الأمّة الكويتي المنتخب حديثا، ووسيلة مناسبة لتسليط الضغوط على حكومة تصريف الأعمال القائمة حاليا في انتظار استكمال تشكيل الحكومة الجديدة بقيادة الشيخ محمّد عبدالله الصباح المعيّن من قبل أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد لتولي المهمّة خلفا لرئيس الوزراء المستقيل الشيخ محمد صباح السالم.
وشهدت الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى العراق توقيع الجانبين العراقي والتركي على مذكرة تفاهم رباعية بين تركيا والعراق والإمارات وقطر للتعاون المشترك في مشروع طريق التنمية الذي تبلغ قيمته 17 مليار دولار. وأُطلق المشروع، الذي يضم طرقا وخطوط سكك حديد بطول 1200 كيلومتر، العام الماضي بهدف تحويل العراق إلى مركز لتجارة الترانزيت بين آسيا وأوروبا.
وتحسّر عدد من النواب الكويتيين على تأخّر بلادهم في اغتنام الفرصة التنموية الكبيرة التي يتيحها المشروع، خصوصا وأنّ دولتين خليجيتين ستشاركان في إقامته. وانصبت ملاحظات أغلب النواب الذين خاضوا في موضوع طريق التنمية على ما يمكن أن ينطوي عليه المشروع من تهميش لمشروع ميناء مبارك الكبير الذي تعثّر إنجازه رغم مضي فترة زمنية طويلة نسبيا على إقراره، وذلك لمصلحة ميناء الفاو العراقي الذي سيكون جزءا رئيسيا من الطريق المزمع إنجازه.
وتوجّهت اتهامات هؤلاء النواب رأسا صوب السلطة التنفيذية والحكومات المتعاقبة وصولا إلى الحكومة الحالية بالمسؤولية عن الإضرار بمصالح البلاد وإهدار فرصها التنموية. واتّهم النائب بدر نشمي الحكومة بالانشغال "بخلق حالة من عدم الاستقرار السياسي في البلد وغياب الرؤية، بينما دول المنطقة انشغلت بتوقيع اتفاقيات اقتصادية ستعود بالفائدة عليها وعلى شعوبها".
وتساءل في تعليق عبر منصة إكس "ما هي إجراءات الحكومة تجاه اتفاقية طريق التنمية التي تم توقيعها مؤخرا بين دول في الإقليم المحيط بنا، وما هو موقف الكويت من هذه الاتفاقية وما هي المصالح المحققة منها أو الفرص الفائتة علينا اقتصاديا وأمنيا ومدى تأثيرها على ميناء مبارك؟".
وطالب الحكومة المستقيلة بتوضيحات حول الموضوع متوعّدا بمتابعة الملف في مجلس الأمّة.
ويقّر المطّلعون على الشأن الكويتي بوجود تأثيرات سلبية للانقطاعات المتكرّرة في عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية في الكويت وعدم توفّر الاستمرارية المطلوبة لإنجاز الإصلاحات واستكمال المشاريع والبرامج في آجالها المحدّدة، لكنّهم لا يحمّلون مسؤولية ذلك للحكومات الكويتية المتعاقبة وحدها، بل يعتبرون البرلمانات مسؤولة بالدرجة الأولى عن تعثّر التنمية والإصلاح في البلاد بكثرة مناكفاتها مع الحكومات وأعضائها ورؤسائها وإشعال الصراعات معهم بشكل غالبا ما ينتهي إلى أزمات تفضي إلى حل مجالس الأمّة وإجراء الانتخابات المبكّرة وما يستتبع ذلك من إقالة للحكومات وإعادة تشكيلها.
وينطبق الأمر ذاته على البرلمان والحكومة الحاليين، إذ أنّ مجلس الأمة المنتخب مطلع أبريل الحالي هو الثالث منذ أبريل 2023، بينما ستكون الحكومة التي يعكف الشيخ أحمد العبدالله على تشكيلها هي الثانية منذ تسلم الأمير الشيخ مشعل الأحمد مقاليد الحكم في ديسمبر الماضي.
وركّز النائب عبدالله المضف في تعليقه على مشروع طريق التنمية أيضا على عامل فقدان الاستقرار السياسي معتبرا أن غيابه إلى جانب شغور المناصب القيادية "والإهمال المتراكم لكل ما هو تنموي نتيجته المزيد من الفرص الضائعة"، منبّها الحكومة القادمة إلى ضرورة "معالجة كل تلك التحديات وإلا سيكون مصيرها الفشل والرحيل".
وقال النائب مهند الساير من جهته إنّه "في ظل ضعف القرار وصراع الكراسي، ينجح في الجانب الآخر من المعادلة الآخرون في تحقيق كل مشروع ضخم نحلم به". وأشار النائب إلى أنّ البلد مازال يدار بحكومة تصريف الأعمال بعد تعاقب أربعة رؤساء وزراء وتسع حكومات وأربعة مجالس أمة خلال أربع سنوات. وأضاف قوله عبر منصة إكس "مشروع ضخم مثل ميناء مبارك نرى المبالغ التي صرفت عليه قد تبخرت".
وحرص النائب عبدالوهاب العيسى على تأكيد عدم النية في التدخّل في شؤون البلدان المشاركة في مشروع طريق التنمية راجيا لها التوفيق. وكشف في الوقت ذاته أنه تلقى من الحكومة والأجهزة التنفيذية تأكيدات بأن قانون مدينة الحرير أصبح جاهزا في صيغته النهائية بانتظار انعقاد مجلس الأمة كي يتم البدء في إجراءات إقراره.
ويتمثّل مشروع مدينة الحرير الذي كان قد دفع نحو إنجازه الشيخ ناصر الصباح ابن أمير البلاد الأسبق الشيخ صباح الأحمد في تطوير مجموعة الجزر الواقعة بشمال الكويت وإنشاء مدينة بالغة التطوّر والحداثة بالشراكة مع الصين وكجزء من مسالك طريق الحرير الجديد الذي روّجت بكين لمدّه صوب عدد من مناطق العالم، لكن المشروع لم يتجاوز طور الإعلان عنه وغاب أيّ حديث عن إنجازه بوفاة الشيخ ناصر.
وقال النائب حمد العبيد إنّ التردد في القرارات المصيرية والتأخر في تنفيذ المشاريع التنموية ضيع الكثير من الفرص الاستثمارية والتنموية على البلاد، فيما دعا النائب محمد جوهر حيات عبر منصة إكس رئيس مجلس الوزراء المكلف الشيخ أحمد العبدالله، إلى الإسراع بتشكيل الحكومة وأن تكون أولى مهامها التحقيق بضياع فرصة اقتصادية مهمة على الكويت من خلال ميناء مبارك الكبير، وذلك "كي لا يتكرر الفشل في أيّ فرصة تنموية أخرى ولمعرفة أوجه القصور في السياسة التنفيذية والإدارة الاقتصادية والسياسة الخارجية".
وأسف النائب فهد المسعود لتأخر الكويت في "الترتيب خليجيا وعربيا وعالميا" قائلا "تأخرنا في شتى المجالات الاقتصادية والتعليمية والتنمية البشرية"، ومضيفا "ما قام به الأشقاء في دول مجلس التعاون بالتوقيع على تطوير مشروع ميناء الفاو أكبر دليل على تأخرنا"، ومتسائلا "أين مشروع ميناء مبارك الكبير الذي مازال متعثرا؟".