Stay on this page and when the timer ends, click 'Continue' to proceed.

Continue in 17 seconds

الحركة الإسلامية تغذي الانقسامات القبلية في شرق السودان | | صحيفة العرب

الحركة الإسلامية تغذي الانقسامات القبلية في شرق السودان |  | صحيفة العرب

Source: صحيفة العرب
Author: Al Arab العرب

الخرطوم - ينتظر إقليم شرق السودان مصيراً مماثلاً للكثير من الولايات التي طالتها حرب دخلت عامها الثاني أخيرا، في ظل انتشار معسكرات لتدريب الميليشيات، وحالة تحشيد متواصلة من جانب إدارات أهلية أعلنت رغبتها في القتال إلى جانب الجيش.

وزاد الاحتقان مع قيام عناصر محسوبة على تنظيم الإخوان بتبني تصورات تثير نعرات عنصرية وطائفية في شرق البلاد، ما ينقل الإقليم الذي تتحصن فيه حكومة الأمر الواقع إلى حافة الهاوية في الصراع المحتدم بين الجيش وقوات الدعم السريع.

وشهدت مدينة بورتسودان قبل أيام مظاهرات احتجاجاً على تصريحات أدلى بها مدير جهاز الأمن السابق بولاية كسلا اللواء بدرالدين عبدالحكم في مقابلة بثتها إذاعة أم درمان، اتهم فيها عددا من قبيلة البني عامر بالتبعية إلى إريتريا، معتبرا هؤلاء "لاجئين"، ومطالباً بسحب الجنسية منهم.

ولم يصدر عن مجلس السيادة السوداني اعتذار عمّا جاء في تصريحات القيادي الأمني السابق، واعتبرت نقابة الصحافيين التصريحات بأنها تأتي ضمن "مستنقع خطابات الكراهية التي ارتفعت معدلات انتشارها وتداولها بصورة مكثفة".

وينفخ هذا الخطاب في نيران الخلافات القبلية التي كانت تندلع بين حين وآخر في إقليم الشرق بين قبيلتي البني عامر والهدندوة، لكنه يحمل حاليا بعدا سياسيا يقوم على الاصطفاف بجانب الجيش أو قوات الدعم السريع، ويدفع القبائل المعادية للبني عامر للاتجاه نحو الاستنفار خلف الأول، ما يجعل الأوضاع في الإقليم مفتوحة على الفوضى.

ويربط متابعون بين التصريحات الأخيرة وبين نشاط قائد الجيش عبدالفتاح البرهان الذي التقى عددا من أبناء قبائل الشرق منذ حوالي أسبوعين، ووعدهم بتنمية وتطوير شرق السودان وتقديم الخدمات، كنوع من الدعاية السياسية للجيش.

وأكد ناظر قبيلة الهدندوة محمد أحمد الأمين ترك مؤخرا "جاهزيته للانخراط في المقاومة الشعبية دعماً وسنداً للجيش"، وتأسيس الدولة في ظل الحكومة القائمة والتوافق على خارطة طريق بين جميع مكونات الشعب لإدارة المرحلة الانتقالية.

وأشار القيادي بقوى الحرية والتغيير المجلس المركزي محمد الهادي محمود إلى أن الحرب الكارثية في السودان ليس لها حدود جغرافية أو معايير أخلاقية، ما يجعل إقليم الشرق مهدداً بالانزلاق إلى مربع الاشتباكات، خاصة أنه منطقة تؤوي عددا كبيرا من النازحين الذين فروا من ولايات عدة وبداخلها قنبلة موقوتة قابلة للانفجار، وهي تمركز عناصر كبيرة من النظام البائد فيها حاليا.

وأوضح الهادي محمود في تصريح لـ"العرب" أن ما يزيد الموقف تأزما هو وجود ما يقرب من خمس ميليشيات تتلقى تدريبات عسكرية بمناطق متفرقة في شرق السودان تنتمي إلى مكونات قبلية متباينة، وبعد عملية الإساءة الأخيرة التي تعرض لها أحد المكونات فإن الانزلاق نحو العنف بات قويا، فالمستهدف إفشال مساعي الوصول إلى حل سياسي للحرب الراهنة عبر مفاوضات جدة.

ولفت الهادي محمود إلى أن المنتمين للحركة الإسلامية في السودان لديهم رغبة قوية في إفشال كل الخطوات التي تدفع طرفي الحرب للجلوس إلى طاولة المفاوضات، وهم يدركون أن استمرارها أو تحقيق الانتصار فيها ينقذ رقابهم من المحاسبة، ويحاولون بشتى الطرق خلط الأوراق في ولايات عديدة لتعقيد مهمة الحل.

وأشار إلى أن المفاوضات المقبلة لا يجب أن تستغرق طويلاً، لأنه جرى الاتفاق على طرق وقف العدائيات عبر مفاوضات جدة السابقة، وتم استكمال ذلك في حوارات المنامة، ويبقى السودان بانتظار لحظة تنفيذ ما سيتوافق عليه الجيش وقوات الدعم السريع.

ويقول متابعون إن شرق السودان منطقة تحمل أبعادا خارجية أكثر من كونها تتعلق بتطورات الوضع القائم داخليًا، وإن تحصن البرهان به ووقوعه على ساحل البحر الأحمر في ظل الأوضاع الإقليمية المتوترة هناك يزيد الأمر حساسية، علاوة على مساعي دول الجوار التي تريد ألا تتأثر بشكل مباشر بانتقال الاشتباكات إلى الإقليم، ما يدفع نحو التعامل بطريقة مختلفة مع أيّ تطور يؤشر إلى إمكانية الانزلاق نحو الفوضى الشاملة.

وذكر عضو الهيئة السياسية بالتجمع الاتحادي محمد الفكي سليمان في تدوينة له على موقع إكس أن خطة الإسلاميين القادمة تفجير شرق السودان بإحداث اضطرابات في الإقليم، مطالبا مواطني الإقليم بالتكاتف من أجل إحلال السلام في السودان.

ويمثل الحفاظ على الهدوء في الشرق إلى حين الوصول إلى المفاوضات هدفًا لقوى عديدة تخشى من تعقيد الأوضاع في إقليم الشرق، وهو ما تدركه عناصر تنظيم الإخوان التي لوحت بتهديدات تنطلق منه حال وُجدت حلول سياسية تضعهم خارج المعادلة.

وأعلن والي كسلا المقال محمد موسى استعداده للانخراط فوراً ضمن القوات المستنفرة التي قالت إنها تنتظر مواجهة قوات الدعم السريع، مضيفاً "لن أغادر كسلا إلا صوب العمليات"، فيما قال والي كسلا الجديد الصادق الأزرق بعد تسلمه مهامه إن أمن الولاية وإسناد المقاومة الشعبية من أهم أولويات حكومته.

وأوضح المحلل السياسي السوداني أحمد خليل أن الواقع في إقليم الشرق يشير إلى وجود اصطفاف قبلي وعسكري خلف الجيش، وهناك رؤية لدى غالبية القبائل بأن الحل يبقى في تأييد الجيش، وأن ما يحدث حرب موجهة ضده، ما انعكس على انتشار معسكرات التدريب في عدد من مناطق الإقليم، فيما تشهد غالبية السودان عملية تحشيد وتحشيد مضاد، بين الجيش وقوات الدعم السريع.

وشدد خليل في تصريح لـ"العرب" على أن استمرار الحرب في السودان يعني وصولها إلى كافة المناطق بما فيها إقليم الشرق الذي اتسم بالهدوء عن الغرب، وأن أبناءه يتمنّون أن لا تصل إليهم نيران المعارك، لكن تكرار التصريحات غير المسؤولة ممن كانوا ضمن قيادات الدولة من الإسلاميين تعمل على إثارة الفتنة وتأليب المواطنين وتغذية الصراع، والتي مسّ مضمونها السلبي قبائل وطنية يصعب أن تقبل اتهامها بأنها ليست سودانية أو تتبع دولة أخرى، ما يشير إلى وجود محاولات حقيقية لإشعال الإقليم.