الحكومة المغربية منفتحة على التفاوض حول إصلاح منظومة التقاعد وقانون الإضراب | محمد ماموني العلوي | صحيفة العرب
Source: صحيفة العرب
Author: Al Arab العرب
الرباط - أعلنت الحكومة المغربية، بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للعمال، على أن إصلاح منظومة التقاعد وقانون الإضراب سيكونان في صلب أولوياتها خلال الفترة المقبلة، مبدية انفتاحا على التفاوض مع النقابات. وكشف يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، أن إصلاح منظومة التقاعد سيتم في شكل قطبين (عمومي وخاص)، مع الحفاظ على الحقوق المكتسبة وتعزيز حكامة أنظمة التقاعد في ضوء الممارسات الجيدة في هذا المجال.
وشدد الوزير المغربي على مواصلة دراسة تفاصيل الإصلاح وكيفية تنفيذه، باعتماد منهجية الحوار مع السعي إلى التوافق مع مختلف الفرقاء النقابيين والاقتصاديين، وذلك في أفق وضع تصور موحد وعرضه خلال الجولة المقبلة للحوار الاجتماعي (سبتمبر 2024)، على أن يتم عرضه على المصادقة التشريعية خلال دورة أكتوبر المقبل للبرلمان.
وشددت نقابة الاتحاد المغربي للشغل على أن الحوار مع الحكومة حول ملف أنظمة التقاعد أفضى إلى الاتفاق على مبادئ عامة، رافضة في بلاغ وصلت "العرب" نسخة منه، عشية الاحتفالات بعيد العمال، ما وصفته بـ"الثالوث الملعون" المكون من رفع السن إلى 65 سنة، والرفع من المساهمات، والتخفيض من المعاشات، معلنة استمرارها في ترافعها ورفضها أيّ تراجع يمسّ حق الأجراء في معاش يضمن العيش الكريم.
وقال الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل الميلودي مخاريق، الأربعاء، إن نقابته رفضت مقايضة الزيادة في الأجور بتمرير ملفات اجتماعية كبرى، كما تمكنت من تجميد القانون التنظيمي المتعلق بممارسة حق الإضراب "المشؤوم" منذ سنة 2016 بعدما أقدمت الحكومة السابقة على إحالته على البرلمان، في خرق سافر لمنهجية الحوار والتفاوض، وستظل النقابة رافضة لأيّ قانون لا يضمن حرية ممارسة حق الإضراب وحماية الحرية النقابية والممثلين النقابيين.
من جهتها حذرت نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب من أيّ إصلاح لأنظمة التقاعد بعيدا عن أيّ توافق اجتماعي، ومن أيّ مسّ بالحقوق المكتسبة لطبقة العمال المغربية، بما يؤدي إلى ضمان مستقبل الحماية الاجتماعية ويخدم ديمومة منظومة التقاعد وحماية حقوق المنخرطين، مع ضرورة إعادة النظر في منظومة الأجور الخاصة بالمتقاعدين بما يصون كرامتهم. وفي هذا الإطار وعد الوزير الطيف النقابي بالمغرب بأنه سيتم العمل على إدراج المبادئ المؤطرة للإضراب في صيغة مشروع القانون التنظيمي المتعلق بشروط هذا الحق وكيفيات ممارسته.
وبخصوص القانون التنظيمي الموضح لشروط حق الإضراب وكيفيات ممارسته، أوضح السكوري في كلمة له بمناسبة عيد العمال، أنه تم إخراج القانون من الرفوف والتجميد، من خلال الاتفاق على المبادئ الأساسية المتمثلة في ضمان انسجام مشروع القانون التنظيمي مع أحكام الدستور، ومع التشريعات الدولية، وضمان التوازن بين ممارسة هذا الحق الدستوري وحرية العمل، وتدقيق مختلف المفاهيم المتعلقة بممارسة حق الإضراب، وضبط المرافق التي تستوجب توفير حد أدنى من الخدمة خلال مدة سريان الإضراب، وتعزيز آليات الحوار والتصالح والمفاوضة في حل نزاعات الشغل الجماعية.
وأشار الوزير إلى أنه سيتم العمل على إدراج هذه المبادئ في صيغة مشروع القانون التنظيمي المتعلق بشروط حق الإضراب وكيفيات ممارسته، التي سبق إيداعها بالبرلمان، بعد استكمال مناقشة تفاصيل بنوده مع الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين باعتماد منهجية الحوار مع السعي إلى التوافق، مضيفا أن الحكومة ستعمل على برمجة مناقشة مشروع القانون ذاته، والمصادقة عليه خلال الدورة البرلمانية الربيعية لسنة 2024.
ورصدت "العرب" ضعف المشاركة الجماهرية في احتفالات هذه السنة مقارنة بالسنوات الفارطة ورغم محافظة النقابات على حضورها وعلى رأسها نقابة الاتحاد المغربي للشغل، ظهرت أغلب النقابات بحضور باهت، حيث اقتصرت مشاركة بعض المنظمات النقابية بعدد من المدن المغربية، على مجموعات صغيرة، بينما أظهرت مشاهد احتفالات فاتح مايو منصات شبه فارغة من الحضور لبعض الإطارات النقابية.
وتزامن الاحتفال بعيد العمال مع مصادقة الحكومة والمركزيات النقابية، قبل يومين، على الاتفاق الاجتماعي الذي جاء بمكتسبات للأجراء، بالقطاعين الخاص والعام، بالزيادة العامة بأجور موظفي الإدارات العامة والجماعات الترابية، والرفع من الحد الأدنى للأجور بالقطاعين العام والخاص وأيضا مراجعة جدول احتساب الضريبة على الدخل.
وتعليقا على ما تم الاتفاق عليه بين الحكومة والنقابات أكد رئيس حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إدريس لشكر أن الحكومة تخلط بين الحوار والمقايضة، معتبرا أنها تقايض الزيادة في الأجور بإصلاح أنظمة التقاعد، وتريد إخراج قانون للإضراب على مقاسها، على أن تؤجل البث في قانون يؤطر العمل النقابي، إلى موعد آخر كي لا تثير حفيظة النقابات.
وإلى جانب النقابات ترفض بعض الأحزاب أيّ قانون لا يضمن حرية ممارسة حق الإضراب وحماية الحرية النقابية والممثلين النقابيين والعمال المضربين، حيث نبه الحزب الاشتراكي الموحد لخطورة "ما يحاك ضد الطبقة العاملة بخصوص الادعاء بإصلاح صناديق التقاعد وفق الوصفة الثلاثية الجاهزة: المزيد من الاقتطاع، تمديد سن تقاعد وتحديد سقف أجرة التقاعد"، محملا الحكومة المسؤولية الكاملة في ضرب مكتسبات العمال وما ستؤول إليه الأوضاع الاجتماعية في حالة تمرير وفرض مثل هذه الخيارات اللاشعبية.
وفي هذا الصدد قالت نقابة الاتحاد المغربي للشغل، الأربعاء، إن قانون الإضراب، حق دستوري، يعد مكتسبا تاريخيا محملا ببعد معنوي ووطني، انتزعته الطبقة العاملة المغربية انتزاعا بالنضال واستشهاد قوافل من مؤسسي الاتحاد المغربي للشغل الذي ما فتئ يخوض نضالات من أجل الدفاع عن حرية ممارسته، كما يضمنه دستور البلاد والمواثيق الدولية المتعارف عليها.
وقالت الحكومة إن الحوار مع النقابات قطع أشواطا بفضل اتفاق 30 أبريل 2022، وذلك من خلال المأسسة التي جعلت الحكومة والنقابات الأكثر تمثيلية وممثلي المقاولات يداومون على الحوار من أجل إيجاد حلول للمشاكل المطروحة طيلة 30 شهرا من عمر الحكومة.