الزراعة في المغرب تواجه تحدي الجفاف للعام السادس
Source: العربي الجديد
- المغرب يواجه جفافًا مستمرًا للعام السادس، مؤثرًا بشدة على قطاعه الزراعي الحيوي، الذي يشكل العمود الفقري لاقتصاده ويوفر دخلًا لـ40% من العمالة.
- استجابةً للتحديات المناخية، يعتمد المغرب استراتيجيات مبتكرة مثل الفلاحة الذكية وتقنيات ري جديدة، بالإضافة إلى تطوير منتجات زراعية مقاومة للتقلبات المناخية وتعزيز التعليم والتدريب الزراعي.
- برنامج المغرب الأخضر، المطلق منذ 2008، ساهم في تقوية مناعة القطاع الزراعي ضد المتغيرات المناخية، مما أدى إلى تحسين الأمن الغذائي وتقليص عجز الميزان التجاري الزراعي.
أصبح الجفاف في المغرب والذي يضرب البلاد للعام السادس على التوالي، أحد أهم التحديات التي تواجه القطاع الزراعي وهو مصدر رئيس لدخل 40% من عمالة البلاد. وتشكل الزراعة في المغرب العمود الفقري للاقتصاد بسبب مساهمتها الكبيرة في النمو، وارتباط مختلف القطاعات بها، خاصة الصناعات الغذائية التي يتم تصدير جزء كبير منها.
يقول رشيد بنعلي، رئيس الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية (غير حكومية)، إن التقلبات المناخية هي أبرز تحدٍ يواجه القطاع في البلاد، في ظل السنة السادسة من الجفاف، فضلا عن ارتفاع درجات الحرارة، مقابل تراجع مستوى الأمطار. وأضاف بنعلي، في حديث مع وكالة الأناضول: "لمواجهة هذه التحديات، تعمل البلاد على اعتماد منتجات تساير هذه التقلبات المناخية، مثل اعتماد حبوب لها قدرة على الإنتاجية في وقت وجيز، إضافة إلى اعتماد تقنيات جديدة في الري".
ولفت إلى أن هناك توجهاً لاعتماد الفلاحة الذكية (تعتمد على تكنولوجيا حديثة)، من خلال عقد اتفاقيات في هذا الإطار مع مؤسسات حكومية وغير حكومية.
من جهته، دعا الأكاديمي المغربي عمر الكتاني إلى العمل من أجل عدم ارتباط الفلاحة بالأمطار. وقال الكتاني، وهو أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس بالرباط (حكومية): "إذا كانت السنة ماطرة فإن نسبة نمو الاقتصاد تكون مرتفعة وقد تصل إلى 5 و6%، وبالعكس تكون بين 1.5 و2.5%"، ودعا إلى ربط القطاع الزراعي في بلاده بتقوية التعليم والتدريب، موضحا بالقول: "بمعنى توفير بدائل اقتصادية بنسبة كبيرة للأفراد المشتغلين بالقطاع، لأن المعايير الدولية تبين أن 10% من السكان يمكن أن يوفروا الأمن الغذائي لباقي السكان".
وأوضح أن رفع الإنتاج الزراعي مرتبط بتقوية التعليم والتدريب بالنسبة للمزارعين والكوادر العاملة بالقطاع من أجل توظيف الطرق العلمية في الإنتاج. كما أبرز الكتاني ضرورة توفير الأجهزة وضخ الاستثمار في صناعة الآلات الزراعية من أجل التغلب على ارتفاع كلفة هذه الآلات، وأكد على ضرورة الاستثمار في القرى، لأن السياسة الموجهة للقرى يجب أن تكون شاملة تضم التعليم والصناعة والمهن الأخرى، وليست فلاحية فقط، وبالتالي يمكن التغلب على ارتباط الفلاحة بالأمطار. واعتبر الأكاديمي المغربي أن السياسات الموجهة للقرى ببلاده تفتقد لسياسة صناعية وتدريبية وخدماتية.
ويشكل اعتراض مزارعين إسبان للمنتجات المغربية في أوقات متفرقة من العام الجاري تحديا للقطاع. ويعترض مزارعون إسبان شاحنات مغربية محملة بالخضار تتجه نحو أوروبا أو إلى السوق المحلية، وسط تصاعد احتجاجات مزارعين في دول أوروبية للمطالبة بحقوق معيشية ومالية ووقف سياسة الإغراق بالمنتجات الأوكرانية والأجنبية الرخيصة.
يقول بنعلي إن قطاع الفلاحة بالمغرب يمثل 14% من الناتج الداخلي الخام، وهو مورد عيش 80% من سكان القرى في البلاد، ولفت إلى أن الزراعة تشكل موردا ماليا لـ13 مليون فرد، ضمنهم ثلاثة ملايين ونصف مليون عامل، وهو ما يشكل 40% من اليد العاملة في البلاد.
والعام الماضي، قال وزير الزراعة محمد صديقي إن بلاده استطاعت التأسيس لنموذج فلاحي مبتكر مزود باختيارات استراتيجية بعيدة المدى لتطوير الإنتاج الغذائي وتعزيز مناعة القطاع الفلاحي وصموده في وجه التقلبات، وهي تصريحات تتعارض مع ما ذكره الكتاني.
وأوضح أن مخطط المغرب الأخضر (برنامج زراعي أطلقته البلاد منذ 2008)، جعل القطاع الزراعي المحرك الأساسي للتنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد، وخاصة بالوسط القروي. وبشأن مساهمة القطاع في التنمية، قال إن هذا البرنامج حقق الأمن الغذائي للمغاربة، وساهم في مضاعفة مساهمة القطاع الفلاحي في نسب النمو الاقتصادي، ولفت إلى أن البرنامج قلص تقلبات النمو الفلاحي وحد من ارتباطه بالمتغيرات الموسمية والمناخية.
وأوضح أن نسبة التغطية المحلية للحاجيات الاستهلاكية الأساسية من اللحوم الحمراء والدواجن والبيض والخضر والفواكه والحليب تراوح ما بين 98 و100%، وزاد: "إنها مؤشرات تعتبر الأعلى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.. إضافة إلى رفع نسبة تغطية الاحتياجات المتزايدة من الحبوب والسكر والزيوت.
وأثمرت الجهود المبذولة تقليصاً لعجز الميزان التجاري الزراعي، حيث زادت تغطية الواردات بالصادرات الفلاحية من 49% سنة 2008، إلى 65% سنة 2020.