الدبيبة يرفض استئناف وزير النفط الليبي عمله دون أن يقيله | | صحيفة العرب
Source: صحيفة العرب
Author: Al Arab العرب
طرابلس - كشف خطاب وجهه رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبدالحميد الدبيبة الأربعاء إلى أمين منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" عن رفضه استئناف وزير النفط والغاز محمد عون مهامه على رأس الوزارة رغم رفع الوقف الاحتياطي عنه منذ أكثر من عشرين يوما ، دون أن يصدر قرارا بإقالته، وذلك في الوقت الذي تقترب طرابلس خلال الأيام المقبلة من توقيع صفقة حقل الحمادة.
وجاء في خطاب الدبيبة الذي أرسله وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء ورئيس الحكومة عادل جمعة إلى أمين منظمة "أوبك"، أن تعليمات رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة تقضي بتولي خليفة رجب عبدالصادق مهام وزير النفط بدولة ليبيا منذ 20 مارس الماضي، وأنه مستمر في عمله.
ويأتي القرار بعد يوم من إعلان وزارة النفط والغاز في حكومة الدبيبة عودة الوزير محمد عون لمباشرة مهام عمله في ديوان الوزارة بعد شهرين من إيقافه عن العمل.
وذكرت وزارة النفط والغاز عبر بيان مقتضب أصدرته الثلاثاء أنه بعد الانتهاء من التحقيق، صدر القرار رقم 492 للعام 2024 برفع الوقف الاحتياطي عنه وإخطار الحكومة.
وكانت هيئة الرقابة الإدارية في ليبيا قد رفعت الوقف الاحتياطي عن عون في 12 مايو الجاري، وفقا لقرار عبدالله قادروه رئيس هيئة الرقابة الإدارية.
ونص قرار رئيس الهيئة رقم (347) لسنة 2024 على رفع الوقف الاحتياطي عن عون بناء على مذكرة مدير الإدارة العامة للتحقيق رقم (2837-21) المؤرخة في 12 مايو 2024، وعلى "ما اقتضته مصلحة العمل".
واستأنف عون مهامه على رأس وزارة النفط والغاز قبل أن يتلقى موافقة الدبيبة الذي كان لا يرد على مراسلاته طيلة الفترة التي أعقبت صدور قرار هيئة الرقابة برفع الوقف الاحتياطي بعدما برأته من ارتكاب مخالفات قانونية، وفق ما ذكرت وسائل إعلام محلية نقلا مصادر في وزارة النفط.
ورغم تمسك الدبيبة باستمرار خليفة رجب عبدالصادق على رأس وزارة النفط إلا أنه لم يصدر حتى اللحظة قرارا بإقالة عون من منصبه، وهو ما يثير التساؤل حول وجود وزيرين يعملان في نفس الخطة، وما إذا كان الدبيبة لا يريد الإطاحة بالوزير عون في الوقت الحالي حتى لا يربك أول صفقة يقترب قطاع النفط والغاز الليبي من توقيعها خلال الأيام المقبلة.
ويرجح محللون ومراقبون أن الدبيبة لا يريد العودة إلى حقبة عون خصوصا وأنها شهدت خلافات منتظمة بين الرجلين بسبب معارضة وزير النفط عددا من الاتفاقيات التي سعت المؤسسة الوطنية للنفط إلى إبرامها بموافقة الدبيبة.
ويعتقد المحللون أن يؤدي إعفاء عون عن منصبه إلى فتح باب استئناف العمل في مشروعات النفط والغاز في ليبيا، التي كان الوزير يعرقل استمرار عملها دون الاتفاق مع المستثمرين على شروط جديدة.
وفي مقدمة القضايا الخلافية بين الجانبين قضية تطوير القطعة (NC97) بحقل الحمادة النفطي التي كانت المؤسسة الوطنية للنفط تعتزم توقيعها مع ائتلاف شركات "إيني" الإيطالية و"توتال إنرجي" الفرنسية و"أدنوك" الإماراتية وشركة الطاقة التركية، إذ اقترح عون طرح مشروع في مناقصة عامة، بدلا من أن يكون موضوعًا للمفاوضات المباشرة.
وكان موقع "أفريكا إنتليجنس" الإستخباراتي الفرنسي قد أكد في وقت سابق أن "استبدال عون من رأس وزارة النفط يخلق مساحة للمناورة للدبيبة، الساعي لتقوية موقفه في الوقت الذي يواجه فيه منافسة على سلطاته. كما أن خروج عون يفيد رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة، الذي كان في خلاف دائم معه".
ومن المقرر أن تمضي ليبيا قدما في مشروع للنفط والغاز بقيمة تتراوح بين 4 و5 مليارات دولار، اقترحته شركة إيني، بعد أشهر من تعليق المشروع بسبب معارضة واسعة النطاق.
وفي شهر مارس الماضي، مهّد المجلس الأعلى لشؤون لطاقة في البلاد الطريق لمنح الامتياز "إن سي-07" إلى تحالف يضم 4 شركات، بعد أن وجدت مراجعة فنية أن المؤسسات الليبية تفتقر إلى الموارد المالية لتطوير المشروع وحدها.
ويضم التحالف شركة إيني الإيطالية، وتوتال إنرجي الفرنسية ، وأدنوك الإماراتية ، وشركة الطاقة التركية المملوكة للدولة.
تعكس التحركات الحالية التي يشهدها قطاع النفط والغاز في ليبيا زخمًا متزايدًا من قبل القيادة النفطية لدفع المشروعات التي طال انتظارها إلى الأمام.
إذ تسعى إلى تعزيز الطاقة الإنتاجية للنفط من 1.2-1.3 مليون برميل يوميًا إلى مليونَي برميل يوميًا، ومضاعفة إنتاج الغاز إلى نحو 3.5 مليار قدم مكعّبة يوميًا خلال الـ3 إلى 5 سنوات المقبلة.
وتتصور خطط مشروع "إن سي-07" ما لا يقل عن 200 مليون قدم مكعّبة يوميًا من الغاز، وكمية غير محددة من النفط، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، نقلًا عن منصة "آرغوس ميديا".
كان وزير النفط الليبي بالإنابة، خليفة رجب عبدالصادق، قد أشار في 16 أبريل الماضي إلى أن المشروع ما يزال مطروحا.
وقال وزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار، في 19 أبريل، إن الاتفاق بشأن الامتياز "إن سي-07" أصبح قريبًا، مضيفًا "نحن على وشك التوقيع".
وكان الدبيبة، والمؤسسة الوطنية الليبية للنفط، على وشك منح الامتياز "إن سي-07" للتحالف الذي تقوده إيني في يناير، قبل أن تجبر المعارضة الواسعة الدبيبة على إصدار أمر بإجراء مراجعة لمعالجة المخاوف.
ومن المقرر أن تبدأ ليبيا مفاوضات مع شركتي توتال إنرجي وكونوكو فيليبس خلال الأيام القادمة في باريس، بشأن مطالبتهما بشروط أفضل في شركة الواحة للنفط مقابل الاستثمار في توسيع الطاقة الإنتاجية.
ومن المحتمل أن يكون هذا التحرك أيضا مثيرا للجدل، إذ يعارض الكثيرون في الصناعة وخارجها تغيير الشروط التعاقدية.
وقال معارضو الصفقة، إن التحالف كان من المقرر أن يحصل على حصة عالية للغاية من الإنتاج، وإن شركة أغوكو المشغلة الحالية والمملوكة للدولة يمكنها تطوير الحقل مقابل جزء صغير من التكلفة.
واقترحت وزارة النفط في عهد عون أيضًا طرح مشروع "إن سي-07" في مناقصة عامة، بدلًا من أن يكون موضوعًا للمفاوضات المباشرة.
وقال مؤيدو صفقة "إن سي-07"، إن ليبيا يجب أن تمضي قدمًا بسرعة في المشروعات لضمان تلبية الطلب المحلي وتمكين البلاد من مواصلة تصدير الغاز.
إذ صرّح المجلس الأعلى لشؤون الطاقة بأن ليبيا ستواجه نقصًا حادًا في الغاز بحلول عام 2026 في مسارها الحالي، وستصبح مستوردًا للغاز ما لم تُنفّذ مشروعات التنمية.
ورغم استمرار الانقسامات السياسية في ليبيا، فقد تمتَّع قطاع النفط بمستوى أكبر من الاستقرار على مدى العامين الماضيين، إذ كانت عمليات إيقاف الإنتاج القسرية قليلة ومتباعدة، في حين زاد اهتمام شركات النفط العالمية.
وأحد التحديات الرئيسة التي تواجه قطاع النفط والغاز في ليبيا هو تنفيذ المشروعات، فقد وُقِّعَت صفقة تاريخية بقيمة 8 مليارات دولار لشركة إيني لتطوير حقول الغاز البحرية في أوائل عام 2023، لكن من غير الواضح ما إذ كان قد أُحرِزَ تقدّم يُذكر في التنفيذ أم لا.