Stay on this page and when the timer ends, click 'Continue' to proceed.

Continue in 17 seconds

المغرب يستعجل تطوير الوظيفة العمومية لمواجهة تحديات المرحلة | محمد ماموني العلوي | صحيفة العرب

المغرب يستعجل تطوير الوظيفة العمومية لمواجهة تحديات المرحلة | محمد ماموني العلوي | صحيفة العرب

Source: صحيفة العرب
Author: Al Arab العرب

الرباط - ناقش لقاء دراسي احتضنه مجلس المستشارين في المغرب، واقع وتحولات الوظيفة العمومية بالمملكة، في ضوء متطلبات التدبير العمومي الجديد، وتحديد منظومة إصلاحية شاملة للوظيفة العمومية في مختلف جوانبها.

وتطرّق المتدخلون في اللقاء الدراسي الذي نظمه الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب بمجلس المستشارين، بشراكة مع منتدى التنمية للأطر والخبرات، حول موضوع "الوظيفة العمومية بالمغرب: بين واقع التحولات وضرورة توفير الخدمة العمومية"، إلى السياقات الكبرى لإصلاح منظومة الوظيفة العمومية، ومسألة الحوكمة وجودة الخدمات العمومية.

وقالت غيثة مزور، وزيرة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، إن "تطوير الوظيفة العمومية لم يعد مجرد خيار إصلاحي، بل أصبح مطلبا استعجاليا تقتضيه مستجدات السياق الراهن وتفرضه تحديات المرحلة المقبلة، مع أهمية ترسيخ النموذج الاجتماعي والتنموي ببلادنا، القائم على بناء الدولة الاجتماعية كما أرسى أسسها ومنطلقاتها ووضع توجهاتها الإستراتيجية العاهل المغربي الملك محمد السادس، بما يحقق المصلحة العامة ويستجيب لتطلعات المتعاملين مع الإدارات العمومية".

وأضافت "المقاربة التشاركية التي تعتمدها الحكومة لإصلاح وتطوير منظومة الوظيفة العمومية تستند إلى مجموعة من الأسس، أهمها مرجعية متينة وواضحة، تستند إلى التوجيهات الملكية السامية الواردة في الخطاب السامي بمناسبة افتتاح الدورة البرلمانية الأولى من السنة التشريعية الأولى من الولاية التشريعية العاشرة، التي حددت المداخل الكبرى لإصلاح الإدارة وتحسين أدائها، وتتعلق أساسا بتغيير السلوكيات والعقليات وجودة التشريعات وتأهيل الموظفين ورقمنة الإدارة بما يمكنها من تحقيق النجاعة والرفع من المردودية".

واعتبرت غيثة مزور أن "هذا الإصلاح يمهد لبناء مرافق عمومية مؤهلة وكفيلة بتحقيق فعالية السياسات العمومية ونجاعتها، وإنجاح المشاريع التنموية، والحكومة تحرص، في إطار مقاربتها التشاركية لدراسة كافة القضايا الاجتماعية والاقتصادية، على تدعيم الحوار الاجتماعي، وتطوير العلاقات مع المنظمات النقابية، باعتبارها شريكا أساسيا في إعداد السياسات العمومية".

وبحسب المجلس الاجتماعي والاقتصادي والبيئي، (مؤسسة دستورية)، فإن الوظيفة العمومية تشوبها نقائص تحول دون توفير ظـروف العمل المحفزة على الإنتاجية والإبداع، بالمقارنة مع الوظيفة العمومية في دول رائدة ككوريا الجنوبية وكندا وفرنسا، إذ تفتقر لنظام تقييم سنوي لأداء يكون قائما على مؤشرات واضحة.

وتعمل الحكومة المغربية على إعادة هيكلة أساليب التدبير وترسيخ المهنية ومعايير الكفاءة والاستحقاق والفعالية، وتحقيق التوازن بين المستوى المركزي واللاممركز، وتعزيز الوظيفة العمومية الترابية من خلال تمكين إدارات الجماعات الترابية من الموارد البشرية الكفؤة الكافية والإسراع بإخراج النظام الأساسي لموظفي الجماعات الترابية.

وأفاد رئيس مجلس المستشارين النعم ميارة بأن "الوظيفة العمومية تندرج ضمن القطاعات التي تعرف تحولات جذرية بفعل المتطلبات المجتمعية المتعلقة بتوفير وتطوير الخدمة العمومية وتجويدها، والمتغيرات المرتبطة بإدماج الجوانب الرقمية والتكنولوجية داخل فضاء تدبير الشأن العمومي".

وأكد ميارة أن "تحديث وتجويد الخدمة العمومية يظلان مرتبطين بتطوير الوظيفة العمومية، والاعتناء بالعنصر البشري إداريا وماليا واجتماعيا، والذي يعد ركيزة أي إصلاح وإحدى غاياته الأساسية، نظرا لدوره المحوري في تنزيل البرامج الإستراتيجية والزيادة من أداء الإدارة وفعاليتها ونجاعتها، وتقديم خدمات عمومية تستجيب لمتطلبات السرعة والجودة، تجسيدا لتوجيهات العاهل المغربي الملك محمد السادس".

ويشهد قطاع الوظيفة العمومية بالمغرب عدة برامج إصلاحية منها الإستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي "المغرب الرقمي 2030"، واللاتمركز الإداري، وتبسيط الإجراءات الإدارية، وحوكمة المرافق العمومية، والإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، فضلا عن البرنامج الوطني لتحسين الاستقبال، وتعزيز الطابع الرسمي للأمازيغية.

من جهته، أكد الأمين العام للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب محمد زويتن أن الحديث اليوم عن الوظيفة العمومية يأتي في سياق استشراف واقع جديد للإدارة المغربية يتميز بالسعي إلى التحول نحو اللاتمركز الإداري وإرساء تصور جديد للإدارة اللاممركزة وتنزيل الجهوية المتقدمة، مع استحضار المطالب الملحة بتحسين ولوج جميع المواطنين إلى الخدمات العمومية والعمل على تقريب الإدارة من المواطنين، فضلا عن تجسير آليات اتخاذ القرار جهويا ومحليا بشكل فعال وسريع.

واعتبر عبدالحفيظ أدمينو، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أمام أعضاء مجلس المستشارين، أن "النظام الإداري مع الرقمنة والذكاء الاصطناعي وما سيقدمه الأخير على مستوى الخدمة العمومية والوظيفة العمومية، سيسائل نظام الوظيفة برمته، وسنصبح أمام تطبيقات ومنصات أو ما يسمى الدولة المنصة، والخدمات الإدارية سيتم طلبها وتلقيها من المنصات"، مؤكدا أن "مستقبل الوظيفة العمومية في ظل هذه التحولات على المحك".

من جهته، حث رئيس منتدى التنمية للأطر والخبراء إدريس الصقلي العدوي على التفكير بشأن تطوير نظام أساسي موحد للوظيفة العمومية، وإعادة بناء منظومة حديثة ومنسجمة للوظيفة العمومية باعتبارها ضرورة ملحة في ضوء التطورات الإقليمية والدولية وكذلك مستجدات دستور 2011، مشددا على ضرورة إرساء وظيفة عمومية أفقية مفتوحة دون حواجز بين الإدارات، واستثمار الوسائل التكنولوجية، والمراجعة الشمولية والعميقة للنصوص المؤطرة للوظيفة العمومية.

وتستند مقاربة هذا الإصلاح إلى المقتضيات الدستورية التي تؤطر القواعد الواردة في ميثاق المرافق العمومية والمبادئ الموجهة للحوكمة الجيدة والنزاهة والشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة، فضلا عن وضع خدمة المواطن في جوهر الإصلاح، إذ يبقى من مسؤولية الحكومة الحرص على حسن الاستجابة لمتطلبات المواطن بالفعالية والسرعة اللازمتين، وهو ما أكد عليه تقرير النموذج التنموي.

ودخل المجلس الأعلى للحسابات على خط الحث على إصلاح المرفق العمومي، في ما يتعلق بالبرامج والمشاريع العمومية والتنمية المجالية، مشددا في تقريره السنوي 2022 - 2023، على أن العديد منها يستلزم المزيد من ضبط الحاجيات على أساس تشخيص واقعي يستند إلى منظومة معلوماتية متكاملة، مع إرساء نظام فعال للمراقبة الداخلية وللتتبع والقيادة والتقييم المواكب وقياس الأثر، مع الحرص على تعزيز القدرات المهنية والتوظيف الأمثل لمكونات الأجهزة والمؤسسات العمومية الموجودة على المستوى الترابي.