غضب وحزن في الأردن بعد وفاة وفقدان حجاج واتهامات ل"الأوقاف" بالتقصير
Source: العربي الجديد
- الأردن يشهد حالة من الحزن والغضب بعد وفاة وفقدان حجاج في مكة، مع اتهامات للحكومة ووزارة الأوقاف بالتقصير في رعايتهم وارتفاع عدد الوفيات غير الرسمية إلى أكثر من 39 حاجاً.
- وزير الأوقاف محمد الخلايلة يواجه انتقادات لإلقائه اللوم على الحجاج غير النظاميين، مع التأكيد على مخاطر الحج بدون تصريح وتشكيل فريق خاص لمتابعة الوفيات والمفقودين.
- الجمهور الأردني يطالب بتحمل الحكومة مسؤوليتها تجاه الحجاج غير النظاميين ودعوات لفتح تحقيق ومساءلة الحكومة، مع الإعلان عن ارتفاع عدد الوفيات والمفقودين دون تحديد أرقام.
تسببت وفاة وفقدان حجّاج أردنيين في مكة المكرمة، بحزن وغضب وجدل واسع على منصّات التواصل الاجتماعي وفي الرأي العام الأردني، حيث اتهم مواطنون الحكومة الأردنية بالتقصير، خصوصاً وزارة الأوقاف، تجاه الحجاج. وذكرت مواقع إخبارية محلية أردنية إن عدد وفيات حجّاج بيت الله الحرام من الجنسية الأردنية غير الرسميين ارتفع إلى أكثر من 39 وفاة وأن العدد مرشّح للزيادة، "بسبب وجود عدد كبير ما زال بين المفقودين لم يتم العثور عليهم ويتوقّع أن يكونوا بين الوفيات"، وذلك من دون أن تنسب هذه المواقع معلوماتها إلى مصادر رسمية موثوقة، فيما أعلنت وزارة الخارجية ارتفاع الوفيات والمفقودين من دون تحديد رقم معين.
وانصبّ الغضب بشكل كبير على وزير الأوقاف والشؤون والمقدّسات الإسلامية، محمد الخلايلة، الذي ألقى باللائمة على الحجاج غير النظامين، في تصريحات صحافية، وقال الأحد تعليقاً على وفاة 14 حاجّاً أردنياً واختفاء 17: "إن جميع الحجاج الأردنيين الرسميين بخير"، و"أنه لا توجد إحصائيات رسمية بشأن الحجاج غير الرسميين لدى الوزارة".
وتابع الوزير أن وزارة الأوقاف حذّرت قبل موسم الحج بأشهر من أن الحج بغير تصريح ممنوع وله مخاطر كبيرة، وأن السلطات السعودية حذّرت من الحج بدون تصريح، وأن تصريح الزيارة لا يعطي صاحبه الحق بأن يؤدي الفريضة. كما قال إن هناك من خرجوا، رغم التحذيرات، بتأشيرات زيارة، وأدوا مناسك الحج، وعليه فإنهم محرومون من الخدمات.
وبعد الغضب الشعبي، قال الناطق الإعلامي باسم وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية علي الدقامسة، يوم الاثنين، في بيان، إن الحالة الصحية العامة لجميع الحجاج الأردنيين بخير، وشكّل الوزير الخلايلة فريقاً خاصاً لمتابعة إجراءات التعامل مع الوفيات والمفقودين، بالتنسيق مع وزارة الخارجية وشؤون المغتربين والسلطات السعودية. وأفاد بأن الوزارة تتابع وعلى مدار الساعة كل معلومة ترد إليها عن الحجاج، سواء كانوا ضمن بعثة الحج الأردنية الرسمية أو من خارجها، خصوصاً أن الوزارة لا تملك أي بيانات عن الحجاج غير النظاميين. وأضاف أن فريق الوزارة تمكّن من العثور على مفقودين من الحجاج غير النظاميين في مخيمات بعثة الحج الأردنية، فيما يتواصل البحث عن حاجّة أردنية بعد إبلاغ من ذويها عن فقدان الاتصال بها.
وطالب مواطنون على منصّات التواصل الحكومة القيام بمسؤوليتها تجاه الحجّاج غير النظامين، باعتبارهم مواطنين أردنيين حاولوا الحج في ظل القيود التي تمنعهم من الحج، والمرتبطة بأعداد الحجاج وأعمارهم. وقالت دهمه الحجايا على منصة إكس: "ما جرى في موسم الحج هذا العام يستوجب فتح تحقيق ومساءلة للحكومة، ووضع حلول جذرية لمسألة معاناة الحجاج الأردنيين المتكرّرة سنوياً". وأضافت: "إن كانت الحكومة تعلم أن تأشيرات زيارة التي استخدمت لغايات تأدية فريضة الحج تتجاوز تصاريح الحج المعتمدة فتلك مصيبة، وإن كانت لا تعلم فالمصيبة أعظم".
الكاتب موسى الساكت، قال على "إكس": "أعداد المفقودين من البعثة الأردنية في ازدياد، والمعلومات حول مصيرهم غير متوفرة حتى اللحظة. لا بد من تصريح رسمي بالسرعة الممكنة لتبريد قلوب أهالي المفقودين".
وقال مدير الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في الأردن، رامي عياصرة، لـ"العربي الجديد": "وجود الحاج ضمن البعثة الرسمية يشكل مظلة حماية له أولاً ويسهّل الحج، ويبعده عن متابعة السلطات هناك". وأضاف: "وجود حجاج غير نظامين لا يعفي وزير الأوقاف من المسؤولية، فهو يمثل الحكومة الأردنية في الدفاع عن مواطنيها وحقوقهم، من أي تجاوز، فالمواطن الأردني له حق بمتابعة حقوقه من قبل الحكومة الأردنية، سواء كان في الأردن أو خارجها، في الحج أو أي مكان آخر". وتابع: "من غير المقبول من وزير الأوقاف الحديث عن هؤلاء الحجاج بهذه الطريقة، وأنه غير معني بهم وخارج مسؤوليته السياسية والأخلاقية، لا بد من بذل كامل الجهود من الحكومة الأردنية، وخاصة وزير الأوقاف الموجود على الأراضي السعودية هذه اللحظة، وتسهيل العودة وإيجاد المفقودين، بالتنسيق مع السلطات السعودية، فالمواطن له الحق على حكومته لمساعدته في أي مكان يوجد به".
وقال النائب في البرلمان الأردني ينال فريحات لـ"العربي الجديد" إن هذه القضية هي "نتيجة أخطاء مركبة من وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، التي لم تتابع مع شركات النقل السياحية نقل الحجاج، كما تتحمل الشركات المسؤولية أيضاً، وفي الوقت ذاته يتحمل المواطنون جزءاً من المسؤولية، خاصة أن هناك جانباً شرعياً (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) و(الحج لمن استطاع إليه سبيلاً)". وأضاف: "الحماس الإيماني هو السبب في هذه المخاطرة، وكان من المفروض تجنّب هذا التعب الإضافي، وضربات الشمس كما علمنا هي التي سببت الوفاة بشكل أساسي".
وأعلنت مديرية العمليات والشؤون القنصلية في وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنيين، يوم الاثنين، ارتفاع عدد الوفيات والمفقودين بين الحجاج الأردنيين، الذين ليسوا ضمن بعثة الحج الأردنية الرسمية، إثر تعرّضهم لضربات شمس، جراء موجة الحر الشديدة، لكنها لم تحدّد عدد المفقودين والمتوفين بالضبط، بعد أن أعلنت أمس وفاة 14، والبحث عن 17 حاجاً مفقوداً.
وحتى الساعة لم يكشف أي مصدر ظروف وأسباب الوفيات بشكل دقيق، مما يفتح الباب أمام التكهنات بأن سبب الوفيات هو نتيجة الإصابة بضربات شمس أو جلطات دماغية وغيرها، بسبب ارتفاع الحرارة والتعب نتيجة المسير الطويل. وقد أنشأ ناشطون مجموعة على "فيسبوك" باسم "حجّاج الأردن المفقودون حج 1445"، للبحث عن الحجاج الأردنيين المفقودين.
وازداد هذا العام عدد الحجاج غير النظاميين في الأردن، خصوصاً بعد أن بدأت السلطات السعودية إعطاء تأشيرات سياحية وزيارة تسمح لحاملها بالإقامة في المملكة فترات تصل إلى ثلاثة أشهر. الأمر الذي رأى فيه كثيرون فرصة لأداء مناسك الحج، وكذلك فرصة لأداء الحج بتكاليف منخفضة نسبياً. ولا تتوفّر للحجاج غير النظاميين، بعكس النظاميين، خيم للإقامة، ما يجعلهم يفترشون المساجد والطرق في حرارة تزيد هذا العام عن 47 درجة مئوية.