السودان: سيطرة غلاء السلع وشحّ المعروض يهزّان الأمن المعيشي
Source: العربي الجديد
- السودان يعاني من أزمة اقتصادية حادة تتمثل في ارتفاع قياسي لأسعار السلع الغذائية بنسبة تجاوزت 500% في بعض الأسواق، مع استمرار النزاعات بين قوات الدعم السريع والجيش.
- الأوضاع الأمنية المتردية أدت إلى إغلاق معظم الطرق وصعوبة إيصال السلع والمساعدات الإنسانية، مما تسبب في اختفاء العديد من السلع الأساسية وشكاوى المواطنين من غلاء الأسعار.
- ولايات مثل الجزيرة وغرب كردفان تأثرت بشكل كبير بالأزمة بسبب اعتمادها على الواردات وتدهور الأوضاع الأمنية، مما أدى إلى ندرة في السلع التموينية وارتفاع أسعارها بشكل كبير.
وصل غلاء السلع الغذائية في السودان إلى أرقام قياسية، في ظل ظروف معيشية صعبة في مختلف الولايات، حيث اختفت معظم السلع في كثير من الأسواق، وارتفعت أسعار بعضها إلى أكثر من 500%، مع استمرار الحرب بين قوات الدعم السريع والجيش في عدد من المحاور والولايات، وإغلاق معظم الطرق وصعوبة إيصال السلع والمساعدات الإنسانية إلى كثير من المواطنين.
وفي هذا الصدد، يشكو مواطنون من ولاية الخرطوم لـ"العربي الجديد" من غلاء السلع الغذائية وندرتها، ومنهم محمد إسماعيل، الذي قال إن سعر جوال السكر زنة 50 كيلوغراماً ارتفع إلى 170 ألف جنيه، ليُباع الكيلو بأربعة آلاف جنيه، مع وجود ندرة في دقيق المخابز، حيث زاد غلاء سعر جوال الدقيق زنة 25 كيلوغراماً إلى نحو 70 ألف جنيه، مع اختفاء العدس والأرز، ليبلغ سعر جوال العدس زنة 20 كيلوغراماً 75 ألف جنيه، والأرز 50 ألفاً. وقد ثبتت أسعار العملات عند مستوياتها التاريخية في تعاملات السوق السوداء أمس الأربعاء، حيث وصل سعر صرف الدولار إلى 1940 جنيهاً للبيع، و1920 للشراء.
أما ولاية شمال دارفور التي تشهد توترات أمنية، فقد توقفت حركة الشاحنات وانتشر غلاء أسعار السلع بنسب كبيرة، خصوصاً السكر، حيث وصل جوال السكر إلى 200 ألف جنيه، ووصل سعر جوال الدقيق إلى 60 ألفاً، مع اختفاء عدد من السلع الأُخرى واستقرار أسعار بعضها، مثل المنتجات المحلية، كالبصل والفواكه والخضروات.
وتحدث مواطنون لـ"العربي الجديد" عن استيلاء قوات الدعم السريع على عدد من الممرات الواصلة إلى المدينة والمدن الأُخرى على أثر حركة الشاحنات ودخول البضائع إلى الولاية، خصوصاً تلك التي تأتي عبر الحدود الليبية إلى المدينة. ويقول المواطن سعيد بابكر إن انعدام الأمن والرسوم الكبيرة التي تفرضها تلك القوات أديا إلى تقويض الحركة التجارية، ما انعكس على ارتفاع الأسعار وندرة سلع عديدة، في ظل حركة النزوح الكبيرة.
مواطنو ولاية الجزيرة أشاروا، بدورهم، لـ"العربي الجديد" إلى صعوبة الحصول على السلع الغذائية، حيث تظل قوات الدعم السريع تسيطر على كل المنافذ باتجاه بقية الولايات، ما أدى إلى توقف الأعمال والزراعة بصورة خاصة، وقالوا إن المحاصيل المخزنة لم تجد طريقها إلى الأسواق مع صعوبة الحصول على سلع السكر والزيت والبصل والدقيق، وإن أغلب السلع التي تدخل إلى الولاية تأتي بأسعار مرتفعة تفوق طاقة المواطنين نتيجة الرسوم وارتفاع أسعار الوقود.
وتعتمد معظم ولايات السودان على ورادات السلع من الخارج، ومع تدهور الأوضاع الأمنية ومنع وصول الشاحنات من الميناء الرئيسي في بورتسودان أو عبر المنافذ الحدودية، مثل معبر الكفرة الليبي أو عبر ولايات غرب البلاد، فإن تأخر وصول الشاحنات بسبب الاحتجاز، واستمرار الاشتباكات، أو دفع رسوم باهظة لتمريرها، كل ذلك له كبير الأثر في حياة سكان ولايات غرب البلاد، حيث شهدت ولاية غرب كردفان ندرة مفاجئة في أسعار السلع التموينية بسبب تأخر وصول شاحنات البضائع من كردفان إلى غربها، نتيجة احتجازها خلال الاشتباكات الأخيرة بين الجيش والدعم السريع.
وفي ولاية النيل الأبيض، وسط، شكا مواطنون ارتفاع أسعار المواد الغذائية، ما فاقم ظروف المعيشة على المواطنين. وعزا تجار أسباب زيادة الأسعار إلى أزمة الوقود التي تواجهها الولاية منذ أشهر، فضلاً عن بُعد مسافة نقل البضائع إلى الولاية بسبب الحرب المستمرة. وفي السياق، قال التاجر إسماعيل مكاوي لـ"العربي الجديد" إن هناك زيادة في أسعار المنتجات الاستهلاكية اليومية، مثل اللحوم والسكر والزيوت والعدس، مع ارتفاع أسعار اللحوم بأنواعها، بسبب غياب الاستيراد وتوقف حركة نقل الماشية التي تعرّض الكثير منها للعرقلة أو للنهب والسرقة.
وفي غضون ذلك، تعيش ولاية شرق دارفور، غرب، أوضاعاً معيشية خانقة بسبب انعدام الوقود وتوقف الشاحنات. وقال المواطن آدم إسحق لـ"العربي الجديد" إن الأوضاع الاقتصادية في تدهور بسبب الحرب التي ساهمت بقوة في رفع أسعار المواد الاستهلاكية من الدقيق والمشتقات البترولية. وتُعتبر هذه من الولايات الحدودية مع دولة جنوب السودان التي تظل تستورد بعض السلع منها، لكن ارتفاع سعر الدولار الأميركي مقابل عملة دولة الجنوب أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية القادمة منه إلى الداخل السوداني، وهو ما سبّب أزمة عميقة يكابدها معظم مواطني دارفور.