Stay on this page and when the timer ends, click 'Continue' to proceed.

Continue in 17 seconds

لبنان خارج قوس الأمل | فاروق يوسف | MEO

لبنان خارج قوس الأمل | فاروق يوسف | MEO

Source: MEO

لبنان ضحية جاهزة. يشبه في ذلك غزة.

ليس جديدا على حزب الله أن يلوح بالحرب وليس جديدا على اللبنانيين أن يضعوا أيديهم على قلوبهم في انتظار حرب يعرفون أنها ستنتهي بهزيمة تجرهم وتجر بلادهم إلى هاوية، هم الآن أكثر ضعفا من أن يواجهوا تبعاتها. ولكن إرادة شعبية ضاعت بين متاهات اقتصادية متشعبة التفاصيل لن يكون في إمكانها منع حزب الله من أن يكون واجهة لحرب تسعى إيران من خلالها إلى أن تكون حاضرة في قلب التحولات المتوقعة في مرحلة ما بعد غزة.

لا ترغب إيران في الخروج من الحرب التي أشعلتها في غزة خالية الوفاض. كما أنها بعد أن أدركت أن كل الخطط الأميركية لإنهاء الحرب في غزة انما تهدف إلى عزلها وتضييق الخناق عليها تريد من خلال فتح جبهة جديدة مع إسرائيل أن تذكر الأميركان بهيمنتها على جزء حيوي في محيط إسرائيل. ولكن ذلك تحتاجه إسرائيل بدليل جاهزيتها لها وهو ما سيتيح لنتنياهو أن يحقق انتصارا واضحا ضد طرف واضح الانتماء إلى إيران، بحيث لن تلاحقه إتهامات بالإبادة البشرية.

لبنان ضحية جاهزة. يشبه في ذلك غزة مع اختلاف يكمن في أن حرب حزب الله هي حرب إيرانية لن تُحرج إسرائيل في اللجوء إلى اقصى درجات العنف فيها. لن تكون الحرب هذه المرة حربا بالوكالة. ستكون تلك الحرب مناسبة لإسرائيل لكي تضرب مواقع عسكرية استراتيجية في الداخل الإيراني. تلك حرب سيدفع لبنان ثمنها دمارا هي بالتأكيد ليست حربه ولكنها مثل كل حروب حزب الله السابقة مفروضة عليه ولن يكون في إمكانه الإفلات منها. وبالرغم من أن حزب الله كان قد استهلك كل أوراق شعبيته وعلى مستوى الرؤية العربية فهو عبارة عن ميليشيا إيرانية خالصة فإن ذلك لن يؤثر على خططه في المضي قدما في خدمة المشروع الإيراني كما أن تلك الحرب ستكون فرصة لإيران لكي تعلن عن انتصارها الذي يحمل بصمات طائفية هي كل ما يمكن أن يتركه الاستعمار الإيراني من أثر في المنطقة. ذلك ما يحدث في العراق واليمن ولبنان وفي أجزاء من سوريا. لن يقبل الإيرانيون بهزائمهم فهم لم يدفعوا ثمنها بشكل مباشر. ستظل إيران قائمة فيما لبنان مهدد بفنائه.

لا أبالغ إذا ما قلت إن إسرائيل لا تشكل خطرا على لبنان بالحجم الذي يشكله حزب الله. ولولا وجود حزب الله لما حلم نتنياهو بحرب على لبنان باعتبارها حبل الانقاذ. ما هو مؤكد أن انتصارا إسرائيليا في غزة سيكون بائسا. ذلك لأن هناك كلفة هائلة من المدنيين القتلى والجرحى لن تترك أثرا إيجابيا على الرأي العام العالمي. شكلت حرب غزة فضحية لإسرائيل. وهو ما يمكن أن يعوضه حزب الله. ولا موقع هنا للبنان ولشعبه في تلك المعادلة الإقليمية. واقعيا فإن خيال اللبنانيين صار اليوم على بينة من أن المقاومة التي ردت إليهم كرامتهم عام 2000 وضعتهم في مزاد إقليمي سيخرجون منه خاسرين. ما حدث عام 2006 سيتكرر لكن بطريقة أشد كارثية. فما داموا غير قادرين على تزع سلاح حزب الله فإن إيران ستظل تحكمهم. كل لبناني مهما صغرت مكانته يعرف أن إيران تحكم لبنان. وهو أمر يُقلق إسرائيل التي يمكن أن تشن حربا عليه كما لو أنها حرب على إيران.

لقد سبق لزعيم حزب الله أن اعترف بأنه ومقاتليه الذي يزيد عددهم على المئتي ألف هم جنود في خدمة الولي الفقيه وهم يستلمون رواتبهم الشهرية من إيران. وهو ما يعني أن هناك جيشا إيرانيا في لبنان تقاتل به في الوقت الذي تراه مناسبا لها. غير أن ما حدث في غزة يمكن أن يلقي بظلاله على تفكير قيادة الحزب في مصيرها. فإسرائيل التي تفكر في خلاصها ويفكر العالم معها لابد أن تجد مخرجا بمعزل عما تفكر فيه إيران التي لا تدافع عن غزة أو لبنان بقدر ما تدافع عن نفسها وهي تؤسس مشروعها النووي. ذلك سيكون عنوانا لمرحلة جديدة لن تكون فيها حماس ولا حزب الله موجودين على ساحة الصراع. وإذا ما كانت القناعة العالمية مستقرة على حرمان إيران من تحولها إلى قوة نووية سيكون التضحية بلبنان مجرد تمرينا عبثيا. وسيظل اللبنانيون خارج قوس الأمل.