أزمة الحجاج "غير النظاميين" تحرج الحكومة الأردنية | | صحيفة العرب
Source: صحيفة العرب
Author: Al Arab العرب
عمان - تشغل أزمة الحجاج المتوفين والمفقودين الأوساط الشعبية والسياسية في الأردن، لاسيما وأن هناك الكثير ممن لايزال لا يعرف مصيره بعد، في ظل تضارب الأنباء والمعطيات بشأن الحصيلة النهائية.
وتحولت الأزمة إلى مصدر إحراج كبير لحكومة بشر الخصاونة، التي أعلنت الجمعة، أنها لن تتوانى عن ملاحقة ومحاسبة المتورطين من أشخاص ومكاتب حج في التغرير بالأردنيين وإقناعهم بالسفر لأداء مناسك الحج خارج الأطر الرسمية.
وجاء تحرك الحكومة بعد انتقادات طالتها بشأن عدم تحركها منذ البداية بالشكل الكافي وتعمد بعض مسؤوليها التنصل من المسؤولية وتحميلها إلى الأردنيين الذين خيروا الذهاب إلى الحج خارج المسار الرسمي.
وقال وزير الاتصال الحكومي الناطق الرسمي باسم الحكومة مهند مبيضين، الجمعة، إنه وبناء على توجيه رئيس الوزراء يوم الاثنين الماضي لوزير الداخلية والجهات الأمنية بإجراء تحريات حول الظروف والملابسات التي أحاطت بسفر مواطنين أردنيين إلى المملكة العربية السعودية لأداء فريضة الحج خارج إطار بعثة الحج الأردنية ومسارات الحج الرسمية المعتمدة الأخرى، الأمر الذي نتجت عنه وفاة عدد من هؤلاء الحجاج وفقدان عدد آخر منهم.
وأضاف مبيضين "نتيجة لتلك الجهود الكبيرة تمّ العثور على جلهم بفعل المساعي الكبيرة التي قامت بها كوادر القنصلية الأردنية العاملة في السعودية وبعثة الحج الأردنية الرسمية ومركز عمليات وزارة الخارجية وشؤون المغتربين في عمان".
وأوضح أنّ تلك الجهود والتحريات أفضت إلى نتيجة مؤداها أنّ عددا من هؤلاء المواطنين تعرضوا للتغرير من قبل ضعاف النفوس وبعض المكاتب، الأمر الذي وجه بموجبه رئيس الوزراء بإحالة الأمر إلى النيابة العامة التي باشرت تحقيقاتها الموسعة المكملة لتحقيقات الأجهزة الأمنية.
وأعلن المتحدث باسم الحكومة الأردنية عن إصدار مذكرات توقيف بحق عدد من المشتبه بهم و"تمّ توقيف البعض منهم بالفعل، وما تزال التحقيقات الموسعة جارية، وسينال كل من سولت له نفسه التكسب الحرام على حساب حياة المواطنين الأبرياء وسلامتهم مستغلين العاطفة الدينية والرغبة لكل مسلم بأداء فريضة الحج، جزاءه الرادع وفقا للقانون".
وأضاف المبيضين أن الطواقم الأردنية في القنصلية العاملة في المملكة العربية السعودية تعمل ليلا ونهارا وكذلك مركز عمليات وزارة الخارجية وشؤون المغتربين لتقديم كل أوجه المساعدة الممكنة، وسيتم إعلان تفاصيل هذه التحقيقات ومسارها حال استكمالها وفق الأطر القانونية الناظمة لهذه التحقيقات.
وأعلنت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين، التي تتولى إدارة الأزمة الجمعة، عن ارتفاع عدد الحجاج المتوفين إلى 75 بينهم 68 وفاة تم إصدار تصاريح دفن لهم، والعثور على 91 حاجا من بين 107 بُلّغ عن فقدانهم.
ونشر أردنيون على مدار الأيام الأخيرة العديد من الصور والبيانات عن حجاج مفقودين، واتهم البعض الحكومة بالتقصير وعدم التحرك بشكل كاف تحت ذريعة أن الحجاج المفقودين أو المتوفين لا ينتمون إلى البعثة الرسمية للمملكة.
ودخلت العديد من القوى السياسية على خط الأزمة منتقدة التعاطي الحكومي الذي تم وصفه بالسطحية والتعالي.
ودعا حزب الميثاق الوطني الحكومة لفتح تحقيق واسع بملابسات وفاة الحجاج الأردنيين خلال أداء مناسك الحج لهذا العام، والوقوف على كافة الأسباب التي أدت إلى هذه الكارثة.
وقال الميثاق الوطني في بيان "إننا وإذ نعرب عن أسفنا لوفاة العشرات من أبناء وبنات الأردنيين خلال أداء مناسك الحج لهذا العام، فإننا نطالب بفتح تحقيق موسع حول هذا الحدث الذي هز وجدان الأردنيين".
كما طالب بإعادة النظر في تعليمات أداء مناسك العمرة، وإيقاف السماح لتسيير رحلات العمرة بين شهر رمضان وشهر ذو الحجة منعا لتكرار المأساة التي ألمت بالأردن وذهب ضحيتها حجاج أردنيون، وزيادة الرقابة على الشركات المختصة بالحج والعمرة.
من جهته قال الأمين العام للحزب المدني الديمقراطي المهندس عدنان السواعير إنّ ما حدث في موسم الحج هذا العام أمر جلل لا يجب أن يمر مرور الكرام، بل يتطلب من كل طرف ذو علاقة بالموضوع تحمل مسؤولياته.
وأوضح في بيان "أنّ الحجاج المتوفين هم مواطنون أردنيون ويجب أن تتعامل معهم دولتنا بهذه الصفة، وهنا يطرح السؤال كيف سمح للحجاج غير النظاميين بالسفر والحجز في فنادق مكة بفيزا سياحية؟ وكيف سمح لهم بالمرور في الوديان والجبال مشياً على الأقدام لتجاوز المراقبة والتدقيق، فمشوا عشرات الكيلومترات دون رقيبٍ أو حسيب أو حتى أدنى حد من المساعدة في هذا الجو الحار؟".
وأضاف السواعير أنه لا يمكن تجاهل الجهود التي تبذلها السعودية في كل موسم حج، ولكن بعد كل هذه الخبرة، يجب أن يكون التنظيم أفضل مما هو عليه حاليا.
واعتبر أنّ المسؤولين الأردنيين تعاملوا مع الحدث بسطحية كبيرة واستعلاء، وحاولوا منذ البداية التنصل من مسؤولياتهم وتشتيت الرأي العام بموضوع الحج النظامي، ولم يتعاملوا مع الموضوع بالجدية التي يستحقها، كما تماهى الإعلام الرسمي مع رواية الدولة دون إجراء المتابعة التي يستحقها موضوع من هذا النوع، والآن بدأوا متأخرين بتدارك حجم المأساة.
وطالب الحكومة بالوقوف إلى جانب المواطنين الأردنيين وأهاليهم وتقديم كافة الخدمات اللازمة ومؤازرتهم في محنتهم هذه وفتح التحقيق اللازم بما حدث.
ونقلت الإذاعة الأردنية، الخميس، عن وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية محمد الخلايلة قوله إن الوفيات للحجاج غير النظاميين، ليست معروفة لدى الوزارة لأنهم غير مسجلين في البعثة، وأضاف "بعد النفرة من عرفات تلقينا بلاغات عن عدة وفيات، بعد أن سجّلت أولى الوفيات لامرأة على عرفات وتابعنا حالتها حتى الدفن"، وأشار إلى أن الوزارة لا تملك قائمة مسبقة بأسماء ولا أعداد هؤلاء الحجاج.
وردا على الانتقادات التي وجهت حول تمسك الحكومة بتسمية الحجاج "بغير النظاميين" قال "إننا نسمي الأشياء بمسمياتها"، مضيفا أن ذلك لا يعني أنهم ليسوا أردنيين أو لن تكون هناك متابعة لأوضاعهم.
وأكد الخلايلة، أن تشخيص الطب الشرعي للوفيات هو "الإجهاد الحراري"، مبينا أن هؤلاء الحجاج تركز تواجدهم في منطقة المزدلفة، التي تبعد عن مشعر عرفات نحو 20 كيلومترا، وأن السير على الأقدام لهذه المسافة في درجات حرارة وصلت إلى نحو 51 درجة مئوية لا يمكن تحمله.